السؤال ٣-٣ : هل حصل تغيّر في الظواهر المتطرفة مثل الأمواج الدافئة والجفاف
السؤال ٣-٣
هل حصل تغيّر في الظواهر المتطرفة مثل الأمواج الدافئة والجفاف
والفياضانات والأعاصير؟
منذ العام ١٩٥٠، إزداد عدد الأمواج الحارة والليالي الدافئة. كما إرتفع عدد المناطق التي طالها الجفاف في حين إنخفض التهطال على الأرض قليلاً في ظل تزايد التبخر من جراء الشروط الباعثة على الإحترار. كما إرتفع عدد التهطال اليومي الغزير الذي يفضي إلى الفيضانات ولكن ليس في كل مكان. يختلف تواتر العواصف الإستوائية والأعاصير من سنة إلى أخرى إلى حد كبير ولكن الواقع يدلّ على حصول إزدياد فعلي في قوتها وفي مدتها منذ العام ١٩٧٠، في المناطق خارج الإستوائية. تدل التقلبية في بدء العواصف وفي قوتها على وجود تقلبات في أهم مميزات دوران الغلاف الجوي كما هو الحال في التذبذب المحيط الأطلسي الشمالي.
لقد تم الحصول على معلومات تشير إلى حدوث تغيّر في مختلف أشكال الظواهر المناخية المتطرفة. أما قصوتها فلا تتخطى غالباً ١٫٥ و١٠% من الوقت (من الحد الأول) و٩٠٫٩٥ و٩٩% من الوقت (من الحد الثاني). تتخطى الليالي الدافئة أو النهارات الحارة (المناقشة في ما يلي) مستوى التسعين بالمئة في حين لا تتخطى الليالي والأيام الباردة مستوى العشرة بالمئة. يتم التعريف بالتهطال الغزيرة على أنه كميات يومية تزيد عن ٩٥ بالمئة من المستوى (و٩٩ بالمئة منه بالنسبة إلى المتساقطات الشديدة الغزارة).
ومنذ أواخر العام ١٩٥٠، حصل إنخفاض ملحوظ في التكرر السنوي في الليالي الباردة وتزايد ملموس في التكرر السنوي في الليالي الدافئة. ولكن لم يتم ذكر الكثير حول الإنخفاضات في تكرر الأيام الباردة وإرتفاع التكرر في الأيام الحارة على الرغم من انتشارها الواسع (راجع الرسم ١). لم ينتقل توزيع الحرارت القصوى والدُنيا إلى أعلى مستوياتها الثابتة مع الإحترار العالمي فحسب، بل إحترّت الحدود الباردة أكثر من الحدود الدافئة منذ خمسين عاماً (راجع الرسم ١). ويؤدي تزايد الحدود الدافئة إلى زيادة تواتر الموجات الحارة. تشير معلومات إضافية إلى اتجاه نحو بضعة أيام متجمدة تترابط مع معدّل الإحترار في معظم مناطق خطوط العرض الوسطية.
وخير دليل على تغيّر الحدود ملاحظة الزيادات في ظواهر التهطال الغزير في مناطق خطوط العرض الوسطى منذ السنوات الخمسين الماضية حتى في المناطق التي لا يتم فيها تسجيل كميات من التهطال النسبية (راجع السؤال ٣-٢) كما يتم رصد إرتفاعات متزايدة لظواهر التهطال الشديد الغزارة. غير أن النتائج متوافرة حول بعض المناطق فقط.
إن قياس الجفاف أسهل من غيره بسبب طول مدته. بينما يوجد عدد من المؤشرات وأجهزة قياس حول الجفاف. تلجأ بعض الدراسات إلى مجموع التهطال الشهري وإلى معدّلات الحرارة وهما يشكّلان، متحدتين مع بعضهما البعض، مقياساًَ يدعى دليل حدة الجفاف بالمير. ويشير هذا المقياس الذي تم وضعه في منتصف القرن العشرين إلى إتجاه كبير نحو الجفاف في عدة مناطق من الجزء الشمالي للكرة الأرضية منذ منتصف الخمسينيات ويدل على جفاف واسع في مناطق جنوب أوراسيا وشمال أفريقيا وكندا وألاسكا (راجع السؤال ٣-٢: الرسم ١). ويدل أيضاً على إتجاه معاكس في شرق أميركا الجنوبية والشمالية. أما في الجزء الجنوبي من الكرة الأرضية فكانت أسطح الأرض رطبة في السبعينيات وجافة في التسعينيات الستينيات, كما سُجّل إتجاه نحو الجفاف بين عامي ١٩٧٤ و١٩٩٨. وتشير التسجيلات ذات المدة الطويلة حول أوروبا على مدى القرن العشرين إلى عدد قليل من الإتجاهات الهامة. وهي تبين أن إنخفاض التهطال على الأرض منذ الخمسينيات يشكل السبب الأول في الإتجاهات نحو الجفاف، غير أن الإحترار الحاصل على مساحات كبيرة في العقود الثلاثة الماضية ساهم بدوره في إحداث الجفاف. وتشير إحدى الدراسات إلى أن عدد المناطق الكثيرة الجفاف حول العالم تضاعف أو بالأحرى إزداد منذ السبعينيات (تعرف هذه المناطق بمناطق يكون فيها دليل حدة الجفاف بالمر ٣٫٠-)، ويرتبط هذا الواقع بإنخفاض سابق في التهطال نتج عن التذبذب الجنوبي/النينيو وبتزايدات فعلية نتجت عن إحترار الأرض.
تحجب التقلبية الطبيعية الواسعة التغيّرات في تواتر العواصف والأعاصير الإستوائية وفي حدتها. ويؤثر النينيو بشدة في حركة العواصف الإستوائية حول العالم. وتدل توقعات القدرة التدميرية للأعاصير حول العالم على إتجاه متصاعد فعلي منذ منتصف السبعينيات. وهو إتجاه نحو عواصف ذات مدة أطول وقوة أكبر يرتبط نشاطها إرتباطاً وثيقاً بحرارة سطح البحر الإستوائي. وتعززت هذه العلاقات بسبب إيجاد تزايد كبير في أرقام الأعاصير القوية وفي نسبتها على صعيد العالم منذ العام ١٩٧٠, علماً أن عدد الأعاصير الحلزونية وعدد أيامها إنخفضا قليلاً في معظم الأحواض. وعلى وجه التحديد، لقد إزداد عدد الأعاصير من الفئتين الرابعة والخامسة بنسبة ٧٥% منذ العام ١٩٧٠. وقد حصلت الزيادات الأوسع في شمال المحيط الهادئ وفي جنوبه الغربي وفي المحيط الهندي. غير أن عدد الأعاصير في المحيط الأطلسي الشمالي فاق الطبيعة في ٩ سنوات من الـ ١١ سنة الماضية, وأحد الأعاصير ضرب الرقم القياسي في موسم العام ٢٠٠٥.
إستناداً إلى عدد من القياسات المسجّلة على سطح التروبوسفير وفي داخله, تبيّن أنه يمكن أن يكون تبدلاً على صعيد القطب قد طرأ مع إحتمال إرتفاع حركة بدء عواصف الشتاء في القسم الشمالي من الكرة الأرضية إبان الجزء الثاني من القرن العشرين. وتشكل هذه التغيّرات جزءاً من التقلبات الحاصلة بالترابط مع التذبذب في المحيط الأطلسي الشمالي. وكشفت المراقبات التي تمت منذ العام ١٩٧٩ حتى منتصف التسعينيات أن دوراناً غربياً في الغلاف الجوي بين قطبي الأرض سيجري بين شهر كانون الثاني / ديسمبر، وشباط / فبراير وسيتم ذلك داخل التروبوسفير وفي الستراتوسفير السفلي بالتزامن مع تنحي تدفق المجاري المائية عن خطها على صعيد القطب ومع تزايد العواصف. إن البراهين التي يمكن مراقبتها في التغيّرات خلال الظواهر الطبيعية الضيقة النطاق (مثل أعاصير التورنيدو وإنهمار البرد والعواصف الرعدية) غالباً ما تكون محلية وعشوائية إلى درجة يصعب عندها الخروج بإستنتاجات عامة. وفي الواقع، يزداد النمو في عدة مناطق بسبب الوعي المتنامي للمجتمع وبفضل الجهود المبذولة بغية جمع التقارير حول هذه الظواهر.