تشير الملاحظات إلى تغيّرات في كمية التهطال وفي حدّته وتواتره وأشكاله. وغالباً ما تدل مميزات التهطال هذه على تقلبية طبيعية كبيرة. ويملك النينيو تأثيراً كبيراً، وكذلك هو الأمر بالنسبة إلى أنماط التغيّرات في دوران الغلاف الجوي، كالتذبدب في شمال الأطلسي على سبيل المثال. وقد تمت ملاحظة بعض التوجّهات الطويلة الأمد في كمية التهطال من العام ١٩٠٠ حتى العام ٢٠٠٥, فكانت أكثر رطوبة في شمال غرب وجنوب أميركا وفي شمال أوروبا وفي شمال ووسط آسيا، ولكن أكثر جفافاً في ساحل وجنوب أفريقيا وفي آسيا الجنوبية والمتوسطية. يأتي التهطال الآن على شكل مطر أكثر منه تهطال على شكل ثلج في المناطق الشمالية. وجرى تسجيل إرتفاعات واسعة الإنتشار لعدة ظواهر تهطال غزير حتى في مناطق إنخفضت فيها الكميات الإجمالية للمتساقطات. وترتبط هذه التغيّرات بإرتفاع تبخّر المياه في الغلاف الجوي الناتج عن إحترار محيطات العالم وخاصة عند الخطوط العرض السفلى. كما تم رصد إرتفاعات في ظهور الجفاف والفياضانات في عدد من المناطق.
تدل عبارة التهطال على الأمطار أو الثلوج التي تهطل من السحب إلى جانب أشكال أخرى متجمدة أو سائلة تنهمر منها. إن التهطال متقطع, ويرتبط نوعه بشكل كبير بالحرارة وبحالة الطقس. وتحدد حالة الطقس مخزون الترطيب من خلال السحب والتبخر كما تحدد كيفية تجمعها لتشكل عواصف في السحب. ويتشكّل التهطال عند تكاثف بخار المياه الذي يمتد بعيداً في الغالب في الهواء المتصاعد ثم يبرد. ويتأتى هذا الجزء المتصاعد من الهواء الصاعد فوق الجبال ومن الهواء الدافئ المحلق فوق هواء أبرد (حد دافئ) ومن هواء بارد يندفع تحت هواء أكثر دفئاً (حد دافئ), ومن الحمل الحراري الناتج عن إحترار السطح ومن أنظمة طقس أخرى ومن السحب. وبالتالي، يعدّل أي تغيّر في هذه المظاهر التهطال. تشير خرائط التهطال أنّه متقطّع ومتفاوت لذلك تمّت الإشارة إلى إتجاهات التهطال في دليل بالمر لقسوة الجفاف (راجع الرسم ١), وهو قياس لرطوبة الأرض من خلال استخدام التهطال والتوقعات البسيطة للتغيّرات في التبخر.
وقد أدّى الإحترار المتزايد والناتج عن إرتفاع آثار الدفيئة البشرية المنشأ, إلى إزدياد التبخر، مع العلم أن طبقة الترطيب المناسبة متوافرة. بناءً على ذلك، تؤدي طبقة الترطيب دور «مكيف هواء» وبالتالي تعمل الحرارة المستخدمة في التبخر لترطيب الهواء وليس لتدفئته. فتكون مواسم الصيف غالباً إما دافئة وجافة أو باردة وأكثر رطوبة. لقد ازدادت رطوبة الطقس في غربي أميركا الشمالية والجنوبية (راجع الرسم ١) لذلك ارتفعت الحرارة هناك أقل مما إرتفعت في مناطق أخرى (راجع السؤال ٣-٣: الرسم ١ التغيّرات في الأيام الدافئة). ويرتبط التهطال بحرارت أكثر إرتفاعاً في الشتاء وفي القارات الشمالية, ويعود ذلك إلى أن قدرة الماء التماسكية في الغلاف الجوي ترتفع في الظروف الدافئة.
عندما يتغيّر المناخ, يتأثّر التهطال بطريقة مباشرة, فتتبدل كميته وتواتره وشكله. يسرّع الإحترار جفاف سطح الأرض ويزيد من إمكانية حدوث جفاف ومن حدّته إذا ما حصل, وقد تمت ملاحظة هذا الأمر في عدة مناطق من العالم (راجع الرسم ١). لكن، يفيد أحد القوانين الفيزيائية الثابتة (علاقة كلوزيوس - كلابيرون) بأن قدرة تماسك الماء في الغلاف الجوي هي نحو ٧ درجات مئوية, وهي تزداد كلما إرتفعت درجة الحرارة درجة مئوية واحدة. تشير مراقبات إتجاهات الرطوبة النسبية إلى أنها غير ثابتة, غير أنها بقيت على حالها في المجمل من السطح إلى داخل التروبوسفير، وعليه فإن الحرارات المتزايدة نتجت عن تزايد تبخر الماء. طوال القرن العشرين كان متوقعاً أن يزيد بخار الماء في الغلاف الجوي فوق المحيطات بنسبة تقريبية هي ٥%, وذلك إستناداً إلى تغيّرات في حرارات سطح البحر. يتأتى التهطال بشكل رئيس من أنظمة المناخ التي ينتجها بخار الماء في الغلاف الجوي، ما يؤدي في الإجمال إلى زيادة قوة التهطال وإلى زيادة خطر حدوث أمطار غزيرة وظواهر ثلجية. تؤكد النظرية الأساسية ومحفزات المناخ المثالية والحقيقة الوضعية أن المناخات الدافئة الناتجة عن بخار الماء تفضي إلى ظواهر متساقطات أقوى حين ينخفض إجمالي التهطال السنوي إنخفاضاً بسيطاً. كما تُتوقع ظواهر أشد وطأة حين ترتفع كميات التهطال العامة. بناءً عليه, يزيد المناخ الأكثر دفئاً من خطر حصول جفاف - حيث لا تمطر - وحصول فياضانات - حيث تمطر - في أوقات و / أو أماكن مختلفة. حتى الآن، حمل العام ٢٠٠٢ الكثير من الفياضانات التي انتشرت في أوروبا ولكن تلاه العام ٢٠٠٣ حاملاً معه موجات حر وجفاف غير مسبوقة. يتأثر توقيت الفياضانات والجفاف وتوزيعهما، بعمق، بظواهر دورة النينيو خاصة في المناطق المدارية وعلى خطوط العرض الوسطية وفي البلدان المطلة على المحيطات.
يقلّص إنخفاض التبخر مخزون الترطيب العام في الغلاف الجوي في المناطق التي يحجب فيها تلوث الهباء الجوي الأرض عن ضوء الشمس المباشر. وبينما يمكن حصول متساقطات أقوى تنتج عن تزايد كميات البخار، بات يمكن أن تتقلص مدة هذه الظواهر وكميتها في الوقت عينه لأن إعادة شحن الغلاف الجوي بالبخار تتطلب وقتاً أكثر.
ترتبط التغيّرات المحلية والإقليمية بشكل التهطال إرتباطاً وثيقاً في اتجاهات حركة الغلاف الجوي التي يحددها النينيو والتذبذب الشمال الأطلسي (NAO) (وهوعبارة عن قياس قوة الرياح الغربية في المحيط الأطلسي الشمالي خلال الشتاء)، بالإضافة إلى بعض أنماط التقلبية. ترتبط بعض التغيّرات بالحركة المشار إليها سابقاً بتغيّر المناخ. إن التبديل المرتبط ببدء الإعصار يجعل بعض المناطق أكثر رطوبة – وأحياناً تميل إلى أن تكون أكثر جفافاً - ما يجعل أنماط التغيّر معقّدة. وعلى سبيل المثال, حصل في التسعينيات تذبذب في شمالي المحيط الأطلسي في القطاع الأوروبي, وكان أكثر إيجابية، فأدى إلى ظروف أكثر رطوبة في مناطق أفريقيا الشمالية والمتوسطية (راجع الرسم ١). وقد استمر الجفاف الممتد في أفريقيا الساحلية (راجع الرسم ١) منذ العام ١٩٦٠ حتى العام ١٩٨٠ على الرغم من إنخفاض حدته. وتم ربط هذا الجفاف الطويل الأمد بالتغيّرات في حركة الغلاف الجوي وبالتغيّرات في أنماط حرارة سطح البحر الإستوائي على نطاق المحيط الهادئ والهندي والأطلسي. وأمسى الجفاف منتشراً في معظم مناطق أفريقيا وعادياً في المناطق الإستوائية وشبه الإستوائية.
يتسبب إرتفاع الحرارة بإزدياد إحتمال إنهمار التهطال على شكل مطر وليس على هيئة ثلج، خاصةً في الخريف والربيع، مع بداية موسم الثلج وانتهائه في المناطق التي تقارب فيها الحرارة درجة التجلد. تجري ملاحظة هذه التغيّرات في العديد من المناطق خاصة في مناطق خطوط العرض الوسطية والمرتفعة في الجزء الشمالي من الكرة الأرضية. ويؤدي ذلك إلى إزدياد الأمطار من جهة وإلى تخفيض الحزم الجليدية من جهة أخرى, وبالتالي إلى إختفاء موارد المياه في الصيف, عندما تتجلى الحاجة القصوى إليها. وعلى الرغم من ملاحظة تفاوت التهطال النسبي وتقطعها فإن أنماط التغيير معقّدة. ويشدد التسجيل الطويل المدى على إختلاف أنماط التهطال من عام إلى عام إلى حد ما، ويشير إلى أن الجفاف الممتد على عدة سنوات يكون مقطوعاً بسنة من الأمطار الغزيرة, فيمكن أن يشعر المرء مثلاً بتأثيرات النينيو. وكمثل عن ذلك، تمكن الإشارة إلى الشتاء الرطب في جنوب الولايات المتحدة الأميركية خلال العام ٢٠٠٤ - ٢٠٠٥ الذي تلا ستة أعوام من الحزم الجليدية التي كانت دون المعدّل.