٢.١ غازات الدفيئة
إن العامل المسيطر في التأثير الإشعاعي في العصر الصناعي هو إزدياد تركيز مختلف غازات الدفيئة في الغلاف الجوي. يُنتَج عدد من غازات الدفيئة الأساسية طبيعياً لكن الإزدياد في تركيزاتها في الغلاف الجوي خلال السنوات المئتين والخمسين الماضية يعود بمعظمه إلى النشاطات البشرية، فيما تكون غازات الدفيئة الأخرى ناتجة كلياً عن الأنشطة البشرية. يحدد التغيّر في تركيز كل غاز دفيئة في الغلاف الجوي خلال فترة وفاعلية الغاز في إحداث خلل في الميزان الإشعاعي, مساهمة هذا الغاز في التأثير الإشعاعي خلال الفترة المحددة. تتغيّر تركيزات غازات الدفيئة المختلفة في الغلاف الجوي الواردة في هذا التقرير بأكثر من ٨ درجات وطأة (x١٠٨) وتتغيّر فاعليتها الإشعاعية بأكثر من ٤ درجات وطأة (x١٠٤),ما يعكس التنوّع الكبير في خصائصها ومصادرها.
إن التركيز الحالي لغاز دفيئة في الغلاف الجوي هو النتيجة الصافية لتاريخ إنبعاثاته الماضية وزولانه من الغلاف الجوي. إن الغازات والأهباء الجوية المذكورة هنا هي نتيجة إنبعاثات الأنشطة البشرية في الغلاف الجوي أو نتيجة إنبعاثات أنواع الغازات الأسلاف في الغلاف الجوي. تزول هذه الإنبعاثات بفعل عمليات زولان كيميائية وفيزيائية. باستثناء ثاني أكسيد الكربون (CO٢), تزيل هذه العمليات عادةً نسبة محددة من كمية الغاز في الغلاف الجوي في كل سنة, ويحدد إنعكاس نسبة الإزالة هذه متوسط فترة حياة الغاز. في بعض الحالات, قد يتغيّر معدّل الإزالة مع تغيّر تركّز الغاز أو خصائص الغلاف الجوي (الحرارة أو ظروف الخلفية الكيميائية على سبيل المثال).
تستقر غازات الدفيئة الطويلة العمر كثاني أكسيد الكربون (CO٢) والميثان (CH٤) وأكسيد النيتروز (N٢O) كيميائياً وتبقى في الغلاف الجوي لفترة زمنية تتراوح بين العقد والقرون أو أكثر, فيكون لإنبعاثها تأثير طويل الأمد على المناخ. بما أن عمر هذه الغازات طويل, فهي تمتزج جيداً في الغلاف الجوي بسرعة أكبر من سرعة إزالتها ويمكن تقدير تركيزاتها العالمية بدقة البيانات في مواقع قليلة. ما من عمر محدد لثاني أكسيد الكربون إذ أنه يدور بإستمرار بين الغلاف الجوي والمحيطات ومحيط الأرض الحيوي وتتضمن إزالته الصافية من الغلاف الجوي مجموعة من العمليات في نطاقات زمنية مختلفة.
إن الغازات القصيرة العمر (على غرار ثاني أكسيد الكبريت وثاني أكسيد الكربون) هي غازات متفاعلة كيميائياً وتزيلها عادةً عمليات الأكسدة الطبيعية في الغلاف الجوي أو تزول عن السطح أو في التهطال, لذلك تختلف تركيزاتها كثيراً. إن الأوزون هو غاز دفيئة هام يتشكل ويدمّر من خلال تفاعلات كيميائية تتضمن أنواعاً أخرى ضمن الغلاف الجوي. في التروبوسفير, يؤدي التأثير البشري على الأوزون أولاً إلى تغيّر في الغازات الأسلاف التي تؤدي إلى إنتاجه, فيما في الستراتوسفير, يؤدي التأثير البشري أولاً إلى تغيّرات في معدّلات إزالة الأوزون بسبب المركبات الكربونية الفلورية الكلورية ومواد أخرى مستنفِدة للأوزون.