٢.١.١ تغيّرات في ثاني أكسيد الكربون والميثان وأكسيد النيتروز الموجودة في الغلاف الجوي
تتخطى التركيزات الحالية لثاني أكسيد الكربون والميثان في الغلاف الجوي كثيراً أرقام المرحلة ما قبل الثورة الصناعية التي حُفظت في سجلّات مستقاة من باطن الجليد القطبي حول تركيبة الغلاف الجوي منذ ٦٥٠٠٠٠ عاماً. تؤكد براهين عديدة أن إزدياد هذه الغازات في المرحلة ما بعد الثورة الصناعية لا يتأتى عن آليات طبيعية (انظر الرسم ١ والرسم ٢). {٢.٣, ٦.٣–٦.٥, الأسئلة ٧.١}
إن إجمالي التأثير الإشعاعي لمناخ الأرض بسبب الإزدياد في تركيزات غازات الدفيئة الطويلة العمر كثاني أكسيد الكربون (CO٢) والميثان (CH٤) و أكسيد النيتروز, ومعدّل الإزدياد المرجّح جداً في إجمالي التأثير بسبب هذه الغازات منذ العام ١٧٥٠ لا سابق لهما خلال أكثر من ١٠٠٠٠ عاماً (انظر الملخّص الفني، الرسم ٢). ومن المرجّح جداُ أن معدّل الإزدياد الدائم في التأثير الإشعاعي المندمج من غازات الدفيئة الذي بلغ +١ واط للمتر المربع الواحد خلال العقود الأربعة الماضية أسرع من أي وقت مضى خلال الألفيتين قبل الثورة الصناعية بست مرات, وهي المرحلة التي عكستها بيانات العيّنة الجليدية الأسطوانية. بلغ التأثير الإشعاعي بسبب غازات الدفيئة الطويلة العمر هذه أعلى مستوى ثقة من أي عامل تأثير آخر.{٢.٣, ٦.٤}
ارتفع تركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي من ٢٨٠ جزءاً في المليون قبل الثورة الصناعية إلى ٣٧٩ جزءاً في المليون في العام ٢٠٠٥. ارتفع تركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي بمقدار ٢٠جزءاً في المليون فقط خلال ٨٠٠٠ سنة قبل الثورة الصناعية, تغيّرت بين العقود والقرون بأقل من ١٠ أجزاء في المليون ومن المرجّح أن تكون ناتجة عن العمليات الطبيعية. لكن، منذ العام ١٧٥٠، ارتفع تركيز ثاني أكسيد الكربون بمقدار ١٠٠ جزء في المليون. أما خلال السنوات العشرة الماضية فقد ارتفع تركيز ثاني أكسيد الكربون (معدّل عقد ١٩٩٥-٢٠٠٥: ١.٩ جزءاً في المليون في العام) أكثر مما كان عليه منذ بدأت القياسات المباشرة المستمرة (١٩٦٠-٢٠٠٥: ١.٤جزءاً في المليون في العام). {٢.٣, ٦.٤, ٦.٥}
إن الإرتفاع في ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي منذ العصور ما قبل الثورة الصناعية مسؤول عن تأثير إشعاعي بلغ +١.٦٦± ٠.١٧ واط للمتر المربع الواحد, وهي مساهمة تسيطر على جميع عوامل التأثير الإشعاعي الأخرى الواردة في هذا التقرير. خلال العقد ١٩٩٥-٢٠٠٥, أدّى إرتفاع ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي إلى إرتفاع ٢٠% في تأثيره الإشعاعي. {٢.٣, ٦.٤, ٦.٥}
إن إنبعاثات ثاني أكسيد الكربون من إستخدام الوقود الأحفوري، ومن تأثيرات التغيير في إستخدام الأراضي على الكربون في النبات والتربة، هي المصادر الأولية لإزدياد ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي. منذ العام ١٧٥٠, من المقدر أن حوالي ٢/٣ من إنبعاثات ثاني أكسيد الكربون البشرية المنشأ كانت نتيجة إحراق الوقود الأحفوري وحوالي ١/٣ كانت نتيجة تغيير إستخدام الأراضي. النسبة المتبقية حوالي ٤٥% من ثاني أكسيد الكربون هذا في الغلاف الجوي, فيما امتصت المحيطات ٣٠% وامتص المحيط الحيوي الأرضي النسبة المتبقية. تتم إزالة حوالي نصف إنبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي خلال ٣٠ عاماً, ٣٠% خلال بضعة قرون و٢٠% المتبقية تبقى في الغلاف الجوي لآلاف السنين. {٧.٣}
في العقود الأخيرة, ارتفعت إنبعاثات ثاني أكسيد الكربون باستمرار (انظر الرسم ٣). إرتفعت إنبعاثات ثاني أكسيد الكربون الأحفورية السنوية الإجمالية من معدّل ٦.٤ ± ٠.٤ جيغا طن من الكربون في السنة في التسعينيات إلى ٧.٢ ± ٠.٣ جيغا طن من الكربون في السنة بين العامين ٢٠٠٠ و٢٠٠٥. بلغت إنبعاثات ثاني أكسيد الكربون المرتبطة بتغيير إستخدام الأراضي خلال التسعينيات معدّل ٠.٥ إلى ٢.٧ جيغا طن من الكربون في العام, بتقدير مركزي بلغ ١.٦ جيغا طن من الكربون في العام. يظهر الجدول ١ مستويات ثاني أكسيد الكربون المقدرة خلال العقود الأخيرة. {٢.٣, ٦.٤, الأسئلة ٧.١}
منذ الثمانينيات, أزالت العمليات الطبيعية لإمتصاص ثاني أكسيد الكربون من محيط الأرض الحيوي (أي الترسب في بالوعة الأرض في الجدول ١) ومن المحيطات حوالي ٥٠% من الإنبعاثات البشرية المنشأ (أي إنبعاثات ثاني أكسيد الكربون الأحفورية وتغيير إستخدام الأراضي في الجدول ١). تتأثر عمليات الإزالة هذه بتركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي وبالتغيّرات المناخية. كان امتصاص المحيطات ومحيط الأرض الحيوي مشابهاً في الكم إلا أن امتصاص محيط الأرض الحيوي كان أكثر تغيّراً وأكثر نشاطاً في التسعينيات منه في الثمانينيات بحوالي ١ جيغا طن من الكربون في العام. تظهر المشاهدات أن تركيزات ثاني أكسيد الكربون المذوب في المحيطات (pCO٢) ترتفع في معظم المناطق, وذلك مع إرتفاع ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي لكن مع تغييرات إقليمية وزمنية كبيرة. {٥.٤, ٧.٣}
الجدول ١. إجمالي رصيد الكربون. كما هو معروف, إن الأرقام الإيجابية هي تدفقات ثاني أكسيد الكربون (جيغا طن من الكربون في العام الواحد) في الغلاف الجوي, وتمثل الأرقام السلبية الإمتصاص من الغلاف الجوي. تعتمد إنبعاثات ثاني أكسيد الكربون الأحفوري للعامين ٢٠٠٤ و٢٠٠٥ على تقديرات إنتقالية. نظراً لعدد الدراسات المتوفرة المحدود حول صافي التدفقات من الأرض نحو الغلاف الجوي وعناصرها, تُقدَّم نطاقات عدم اليقين على شكل نطاقات ثقة تبلغ ٦٥% ولا تتضمن التغيّرات ما بين السنوات. (انظر القسم ٧.٣) تشير NA إلى عدم توفر البيانات.
| الثمانينيات | التسعينيات | ٢٠٠٠-٢٠٠٥ |
---|
الإزدياد في الغلاف الجوي | ٣.٣ ± ٠.١ | ٣.٢ ± ٠.١ | ٤.١ ± ٠.١ |
إنبعاثات ثاني أكسيد الكربون الأحفوري | ٥.٤ ± ٠.٣ | ٦.٤ ± ٠.٤ | ٧.٢ ± ٠.٣ |
صافي التدفقات من المحيط نحو الغلاف الجوي | -١.٨ ± ٠.٨ | -٢.٢ ± ٠.٤ | -٢.٢ ± ٠.٥ |
صافي التدفقات من الأرض نحو الغلاف الجوي | -٠.٣ ± ٠.٩ | -١.٠ ± ٠.٦ | -٠.٩ ± ٠.٦ |
مقسّم كما يلي | | | |
تدفقات في تغيّر إستخدام الأراضي | ١.٤ (٠.٤ إلى ٢.٣) | ١.٦ (٠.٥ إلى ٢.٧) | NA |
بالوعة الترسبات الأرضية | -٢.٦ (٤.٣- إلى ٠.٩-) | -١.٧ (-٣.٤ إلى ٠.٢) | NA |
ينتج إمتصاص الكربون وتخزينه في محيط الأرض الحيوي من الفارق الصافي بين الإمتصاص لنمو النبات, والتغيّرات في إعادة التحريج والتنحية, والإنبعاثات الناتجة عن التنفس النباتي, والحصاد وإزالة الغابات والحرائق والضرر بسبب التلوث وعوامل خلل أخرى تؤثر على الكتلة الحيوية والتربة. أثّر الإرتفاع والإنخفاض في وتيرة الحرائق في مناطق مختلفة على صافي إمتصاص الكربون, ويبدو أن الإنبعاثات الناتجة عن حرائق إزدادت خلال العقود الأخيرة في المناطق الشمالية. تظهر تقديرات صافي تقلّبات ثاني أكسيد الكربون على السطح المستقاة من دراسات عكسية تستخدم شبكات من بيانات الغلاف الجوي، معدّلات هامة لإمتصاص الأرض ثاني أكسيد الكربون في منطقة خطوط العرض الوسطى في نصف الكرة الشمالي، وتقلّبات بين الأرض والغلاف الجوي شبه معدومة في المناطق المدارية, ما يشير إلى أن إزالة الغابات المدارية توازنه تقريباً إعادة نموها. {٧.٣}
تتحكم التغيّرات في تدفق ثاني أكسيد الكربون بين الغلاف الجوي ومحيط الأرض الحيوي بشكل أساسي بالتغيّرات القصيرة الأمد (بين السنوات) في إزدياد معدّل ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي, مع جزء أصغر لكن هام يرتبط بتغيّر تدفق المحيطات (انظر الملخّص الفني، الرسم ٣). ترتبط التغيّرات في تقلّبات محيط الأرض الحيوي بالتذبذبات المناخية التي تؤثر على امتصاص ثاني أكسيد الكربون في نمو النبات وعودته إلى الغلاف الجوي من خلال إنحلال المواد العضوية في التنفس النباتي والحرائق. إن التذبذب الجنوبي/النينيو هو مصدر أساسي للتغيّر بين السنوات في معدّلات نمو ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي, بسبب تأثيره على التقلّبات من خلال درجات حرارة سطح الأرض وسطح المحيطات والتهطال ونشوب الحرائق. {٧.٣}
لا يمكن قياس كمية التأثيرات المباشرة لإزدياد ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي على امتصاص الكربون في الأرض على نطاق واسع في الوقت الحالي بشكل موثوق. يمكن أن تحفز زيادة تركيزات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي وترسّب المغذيات (تأثيرات التخصيب) نمو النبات. لكن معظم التجارب والدراسات تظهر أن ردود أفعال شبيهة لا تدوم طويلاً وترتبط عن قرب بتأثيرات أخرى كتوفّر المياه والمغذيات. كما أن التجارب والدراسات حول تأثيرات المناخ (الحرارة والرطوبة) على التنفس النباتي للنفايات والتربة غير أكيدة. ملاحظة: يتم تناول تأثير تغيّر المناخ على إمتصاص الكربون على حدى في القسم ٥.٤. {٧.٣}
بلغ معدّل وفرة الميثان (CH٤) ١٧٧٤ جزءاً في المليار في العام ٢٠٠٥ أي ضعف معدّل المرحلة ما قبل الصناعية. تغيّرت تركيزات الميثان في الغلاف الجوي ببطء بين ٥٨٠ و٧٣٠ جزءاً في المليار خلال العشرة آلاف سنة الماضية، لكنها ارتفعت بحوالي ١٠٠٠ جزء في المليار خلال القرنين الماضيين, ما يمثل أسرع تغيّر في هذا الغاز خلال الثمانين ألف عام الماضية. في أواخر السبعينيات وبداية الثمانينيات, بلغت معدّلات نمو الميثان ١% في العام كحد أقصى, لكنها إنخفضت بحدة منذ بداية التسعينيات وأصبحت قريبة من الصفر خلال فترة الست سنوات الممتدة من ١٩٩٩ إلى ٢٠٠٥. تزداد وفرة الميثان عندما تتخطى الإنبعاثات كمية الإزالة. يشير التراجع الأخير في معدّلات الإزدياد أن الإنبعاثات تتطابق اليوم تقريباً مع الإزالة, وهي نتيجة الأكسدة بفعل شق الهيدروكسيل (OH). منذ تقرير التقييم الثالث, وجدت دراسات جديدة استخدمت عنصرين استشفافيين جديدين (ثلاثي كلورو الإيثان و١٤CO) أنه ما من تغيّر هام على المدى الطويل في الوفرة العالمية لشق الهيدروكسيل (OH). لذلك، من المرجّح أن يكون التباطؤ في إرتفاع معدّل الميثان في الغلاف الجوي منذ حوالي العام ١٩٩٣ ناتجاً عن إقتراب الغلاف الجوي من التوازن خلال فترة إنبعاثات كاملة شبه مستمرة. { ٢.٣, ٧.٤, الأسئلة ٧.١}
ساهم الإزدياد في تركيزات الميثان في الغلاف الجوي منذ مرحلة ما قبل الثورة الصناعية في تأثير إشعاعي بلغ +٠.٤٨ ± ٠.٠٠٥ واط للمتر المربع الواحد. من بين غازات الدفيئة, يعتبر هذا التأثير ثانياً بعد ثاني أكسيد الكربون من ناحية الكم. {٢.٣}
نتجت مستويات الميثان الحالية في الغلاف الجوي من الإنبعاثات البشرية المنشأ للميثان وهي تتخطى الإنبعاثات الطبيعية. يمكن تحديد إجمالي إنبعاثات الميثان انطلاقاً من التركيزات الملحوظة والتقديرات المستقلة لمعدّلات الإزالة. لا تقاس الإنبعاثات من مصادر الميثان الفردية بالدقة ذاتها التي تقاس بها الإنبعاثات الإجمالية, لكنها في معظمها من أصل بيولوجي, وتتضمن الإنبعاثات من الأراضي الرطبة, والحيوانات المجترة, وزراعة الأرز, وإحراق الكتلة الحيوية, بالإضافة إلى مساهمات أصغر من مصادر صناعية تتضمن الإنبعاثات المرتبطة بالوقود الأحفوري. ومن المرجّح جداً أن تشير معرفة مصادر الميثان هذه، بالإضافة إلى المجموعة الطبيعية الصغيرة لتركيزات الميثان خلال الأعوام الـ ٦٥٠٠٠٠ الماضية (انظر الملخّص الفني، الرسم ١) وإزديادها الحاد منذ العام ١٧٥٠ (انظر الملخّص الفني، الرسم ٢) إلى أن التغيّرات الملحوظة على المدى الطويل في الميثان ناتجة عن نشاط بشري المنشأ. {٢.٣, ٦.٤, ٧.٤}
بالإضافة إلى تباطؤ معدّل إزدياد الميثان في الغلاف الجوي خلال الأعوام الخمسة عشر الماضية, أظهر المعدّل تغيّراً هاماً خلال العام الواحد, ولم يتوفر تفسير كامل لذلك. يبدو أن أكبر المساهمات في التغيّر خلال العام الواحد بين العامين ١٩٩٦ و٢٠٠١ هو التغيّر في إنبعاثات الأراضي الرطبة وإحراق الكتلة الحيوية. تشير عدة دراسات إلى أن إنبعاثات الميثان من الأراضي الرطبة حساس جداً تجاه الحرارة ويتأثر بالتغيّرات الهيدرولوجية. تشير تقديرات النماذج المتوفرة جميعها إلى إزدياد في إنبعاثات الأراضي الرطبة نظراً لتغيّر المناخ في المستقبل لكنها تختلف لجهة حجم تأثير الإستجابة الإيجابي هذا. {٧.٤}
بلغ تركيز أكسيد النيتروز ٣١٩ جزءاً في المليار في العام ٢٠٠٥, أي أعلى بمقدار بنسبة ١٨% من معدّل المرحلة ما قبل الثورة الصناعية. إزداد أكسيد النيتروز خطياً تقريباً بمقدار ٠.٨ جزءاً في المليار في العام الواحد خلال العقود القليلة الماضية. تظهر بيانات العيّنة الجليدية أن تركيز أكسيد النيتروز في الغلاف الجوي تغيّر بأقل من ١٠ أجزاء في المليار خلال ١١٥٠٠ عاماً قبل بداية المرحلة الصناعية. {٢.٣, ٦.٤, ٧.٤}
يساهم الإزدياد في أكسيد النيتروز منذ المرحلة ما قبل الثورة الصناعية اليوم بتأثير إشعاعي مقداره +٠.١٦ ± ٠.٠٢ واط للمتر المربع الواحد, وهو بشكل أساسي نتيجة النشاطات البشرية, خاصة الزراعة وتغيّر إستخدام الأراضي. تشير التقديرات الحالية إلى أن حوالي ٤٠% من إجمالي إنبعاثات أكسيد النيتروز بشرية المنشأ, لكن تقديرات المصادر الفردية تبقى غير أكيدة. {٢.٣, ٧.٤}