السؤال ١١-١ : هل تختلف التغيّرات المناخية المرتقبة من منطقة إلى أخرى؟
السؤال ١١-١
هل تختلف التغيّرات المناخية المرتقبة من منطقة إلى أخرى؟
يختلف المناخ بين منطقة وأخرى. ينبع هذا الإختلاف من التوزيع غير المتساوي لحرارة الشمس، ورد فعل كل من الغلاف الجوي والأرض والمحيطات والتفاعل بين هذه العناصر والخصائص الفيزيائية التي تميّز كل منطقة. تؤثر الإضطرابات التي تصيب مكوّنات الغلاف الجوي على بعض جوانب هذه التفاعلات المعقّدة. إن بعض العوامل البشرية المنشأ التي تؤثر على المناخ (عوامل التأثير forcing) تكون عالمية بطبيعتها، بينما تختلف بعض العوامل الأخرى بين منطقة وأخرى. على سبيل المثال، ثاني أكسيد الكربون الذي يتسبب بالإحترار، ينتشر بالتساوي في مختلف أنحاء الأرض بغض النظر عن موقع مصدر الإنبعاثات، في حين أن توزيع الأهباء الجوية من السلفات (جزئيات صغيرة) التي تزيل بعض الإحترار يكون عادة إقليمياً. بالإضافة إلى ذلك، تعتمد ردود الأفعال الناتجة عن عمليات التأثير جزئياً على عمليات إرتجاعية يمكن أن تجري في مناطق غير تلك التي تشهد أكبر مستوى من التأثير. بالتالي، ستختلف التغييرات المناخية المرتقبة أيضاً من منطقة إلى أخرى.
لدراسة تأثير التغيّرات المناخية على منطقة معينة، يمكن الإنطلاق من موقع المنطقة بالنسبة إلى خط الإستواء (latitude). فعلى سبيل المثال، وفي حين يتوقع حصول الإحترار في كافة أنحاء الأرض، تزداد كمية الإحترار المتوقع عادة بين المنطقة الإستوائية والقطب في النصف الشمالي من الكرة الأرضية. الأمر أكثر تعقيداً في ما يتعلق بمعدّل التهطال، إلا أنه يخضع أيضاً لعوامل متعلّقة بموقع المنطقة بالنسبة إلى خط الإستواء. في المناطق القريبة من القطبين، يتوقع إرتفاع معدّل التهطال، في حين يتوقع إنخفاض هذا المعدّل في مناطق عديدة متاخمة للمنطقة الإستوائية (راجع الرسم ١). يتوقع إرتفاع معدّل التهطال الإستوائي في مواسم المطر (مثلاً، الرياح الموسمية) وبشكل خاص فوق المنطقة الإستوائية من المحيط الهادئ.
من العوامل الهامة أيضاً موقع المنطقة بالنسبة إلى المحيطات وسلاسل الجبال. بشكل عام، يتوقع أن يكون الإحترار أكبر في المناطق القارية الداخلية من المناطق الساحلية. لا يتأثر معدّل التهطال فقط بشكل القارة الجغرافي، بل أيضاً بشكل السلاسل الجبلية المجاورة وإتجاه الرياح. فالرياح الموسمية والزوابع والأعاصير / التيفونات غير الإستوائية تتأثر كلها بهذه الخصائص المتعلقة بالمنطقة. وتعتبر التغيّرات الممكنة في دوران الغلاف الجوي والمحيطات وأنماط تغيّرها من أصعب الجوانب التي تسمح بفهم وتوقع التغيّرات في المناخ الإقليمي. على الرغم من أنه يمكن التوصل إلى إستنتاجات عامة حول عدد من المناطق ذات المناخ المتشابه نوعياً، إلا أن كل منطقة تقريباً تتميز بسمات خاصة بها في نواح عديدة. يصح ذلك بالنسبة إلى المناطق الساحلية المحيطة بالمنطقة المتوسطية جنوب المدارية، أو المناخ القاسي في داخل أميركا الشمالية الذي يعتمد على نقل الرطوبة من خليج المكسيك، أو التفاعلات بين توزّع الثروة النباتية ودرجات حرارة المحيط ودوران الغلاف الجوي، التي تساعد على السيطرة على تأثير منطقة الحدود الجنوبية للصحراء الأفريقية.
على الرغم من أننا لا نزال بعيدين عن فهم التوازن الفعلي بين العوامل العالمية والإقليمية بشكل كامل، إلا أن مستوى فهمنا لها يمضي في تزايد مستمر وثابت، ما يعزز ثقتنا بالتوقعات الإقليمية.