السؤال ٣-١ : كيف تتغيّر درجات الحرارة على الأرض؟
السؤال ٣-١
كيف تتغيّر درجات الحرارة على الأرض؟
يشير الرصد الآلي الممتد على مدى ١٥٧ عاماً إلى إرتفاع درجة الحرارة على سطح الأرض عموماً على الرغم من وجود تباينات مناطقية. وكمعدّل عالمي, تشير الدراسات إلى أن الإحترار قد حصل في القرن المنصرم على مرحلتين من العام ١٩١٠ وحتى العام ١٩٤٠ (٠٫٣٥ درجة مئوية) وبشكل أقوى من العام ١٩٧٠ وحتى تاريخ اليوم (٠٫٥٥ درجة مئوية). وقد إزداد الإحترار خلال السنوات الخمس والعشرين المنصرمة. وتم تسجيل ١١ من أصل ١٢ عاماً هي الأكثر حراً من في الـ ١٢ سنة الماضية. كما تدل على إرتفاع درجة الحرارة في التروبوسفير فوق سطح الأرض (١٠ كيلوميترات تقريباً) أكثر قليلاً من إرتفاعها على سطح الأرض. في حين برد الستراتوسفير (يمتد بعده عن الأرض من ١٠ إلى ٣٠ كلم) بشكل ملحوظ منذ العام ١٩٧٩. وتتماشى هذه المحصلات مع التوقعات الفيزيائية ومع النتائج المثالية. يتأتى التأكيد على الإحترار العالمي من خلال إرتفاع درجة حرارة المحيطات وإرتفاع مستويات البحر وذوبان الأنهر الجليدية وتراجع جليد البحر في القطب الجنوبي، كما يتأكد ذلك من خلال إختفاء الغلاف الجليدي في الجزء الشمالي من الكرة الأرضية.
ما من مقياس واحد يستطيع قياس الحرارة الإجمالية للأرض. ولكن في المقابل، يتم إحصاء العديد من القياسات التي ترصدها يومياً آلاف المحطات في بقاع الأرض المختلفة ويجري دمجها مع آلاف القياسات الأخرى حول حرارة سطح البحر التي ترصدها السفن المبحرة فوق المحيطات, ومن خلال هذه القياسات يتم إصدار معدّل الحرارة العالمي تقديري لكل شهر. ومن أجل الحصول على تغيّرات ثابتة على مر الزمن، تتركز التحاليل حول أنواع الشذوذ (وهي إنحرافات ناتجة عن النسبية المناخية في كل إتجاه) لأنها أكثر فاعلية في تغيّر توافر المعلومات. يمكن في الواقت الراهن إستخدام القياسات المسجلة منذ العام ١٨٥٠ إلى يومنا هذا على الرغم من أن التغطية كانت أقل من شاملة في القسم الثاني من القرن التاسع عشر، بيد أن تحسناً طرأ منذ العام ١٩٥٧عندما بدأ تسجيل القياسات في القطب الجنوبي، وإزداد التحسن مع العام ١٩٨٠ عند بدء استعمال قياسات الأقمار الصناعية.
إرتفعت درجة الحرارة السطحية نحو ٠٫٧٥ درجة مئوية كمعدّل عام خلال السنوات المئة الفائتة (بين العام ١٩٠٦ والعام ٢٠٠٥, الرسم ١). غير أن هذا الإحترار لم يكن ثابتاً في مختلف المواسم ومختلف الأمكنة. ولم يحصل تغيّر كلي منذ العام ١٨٥٠ وحتى العام ١٩١٥ باستثناء حركات الصعود والهبوط المرتبطة بالتقلبية الطبيعية التي قد تكون نتجت عن عملية أخذ عينات محدودة. وقد ارتفع مستوى الحرارة العالمي بنسبة ٠٫٣٥ درجة مئوية بين العامين ١٩١٠ و١٩٤٠ ومن ثم تلاه إنخفاض مبرد بسيط (٠٫١ درجة مئوية) وحصل بعده إحترار سريع (بلغ ٠٫٥٥ درجة مئوية) واستمر حتى العام ٢٠٠٦ (راجع الرسم ١).
أما السنوات الأكثر حرارة بين المجموعات فامتدت بين العامين ١٩٩٨ و٢٠٠٥ (لا تظهر في الإحصاءات), ومن السنوات الـ١٢ الأكثر حرارة، سجّلت ١١ في السنوات الـ١٢ المنصرمة (من ١٩٩٥ حتى ٢٠٠٦). وكان الإحترار أقوى على الأرض منه على المحيطات منذ العام ١٩٧٠. وعلى صعيد المواسم، كان الإحترار أكبر في الشتاء. وحصلت إحترارات أخرى في المدن والمناطق الحضرية (التي يرمز إليها بمفعول الجزيرة الحرارية المدنية) ولكن كانت محصورة على المدى الزمني ويمكن أن تتجلى مفاعيلها من خلال إستبعاد أكبر قدر ممكن من الأماكن المتأثرة من المعلومات حول مستوى الحرارة العالمية ومن خلال زيادة هامش الخطأ.
لقد بردت بعض المناطق منذ العام ١٩٠١ ويبدو ذلك جلياً في المحيط الأطلسي الشمالي بالقرب من شمال غرينلاند. وكان الإحترار أشد وطأة في تلك الأيام في أعماق قارتي آسيا وأميركا الشمالية. ولكن بما أن هذه هي مناطق ذات تقلبية عالية تختلف من سنة إلى أخرى، فقد حصل مؤشر الإحترار الأكثر وضوحاً في مناطق خطوط العرض الوسطي والمنخفضة وخاصة في المحيطات الإستوائية. في الجزء السفلي وإلى يسار الرسم ١، تمت الإشارة إلى إتجاهات الحرارة منذ العام ١٩٧٩ وأنماط الإحترار في مناطق المحيط الهادئ والمناطق المبردة المتعلقة بالنينيو.
لقد أصبح بالإمكان اليوم تحليل التغيّرات الطويلة المدى في درجات الحرارة اليومية القصوى في عدة مناطق (مثل أميركا الشمالية وجنوب أميركا الجنوبية وأوروبا وشمال وشرق آسيا وجنوب أفريقيا وأستراليا). تشير هذه التسجيلات إلى إنخفاض في عدد الأيام والليالي الباردة جداً وإلى إرتفاع عدد النهارات الشديدة الحرارة والليالي الدافئة منذ العام ١٩٥٠ على وجه التحديد (راجع السؤال ٣-٣). وإزداد طول المواسم الخالية من الجليد في معظم مناطق خطوط العرض العالية والوسطية في جزئي الكرة الأرضية. ويظهر ذلك في الجزء الشمالي من الكرة الأرضية كبداية مبكرة للربيع.
إلى جانب المعلومات حول الأرض المشار إليها سابقاً, تم تسجيل قياسات الحرارة على الأرض في فترة معقولة بواسطة بالونات الطقس منذ العام ١٩٥٨ وبواسطة الأقمار الصناعية منذ العام ١٩٧٩. المعلومات كلها مهيأة لتقبّل التغيير في وسائل القياس ولمراقبة الممارسات عند الحاجة. لقد تم إستخدام الأقمار الصناعية القصيرة الموج بغية إنشاء «التسجيل الحراري للأقمار الصناعية» من أجل الطبقات السميكة في الغلاف الجوي إلى جانب التروبوسفير (يمتد من السطح حتى ١٠ كلم صعوداً) والستاتوسفير المنخفض (يمتد من ١٠ إلى ٣٠ كلم). ولا تزال هناك بعض الإلتباسات والشكوك في الإتجاهات على الرغم من وجود تحليلات جديدة بواسطة مقياس كروس المحسّن التابع لثلاثة عشر قمراً صناعياً منذ العام ١٩٧٩ وعلى الرغم من التحسن في تغيّر مراقبة الوقت وإرتفاع القمر الصناعي. تشير كافة المعلومات الحديثة المتوافرة منذ العام ١٩٥٠ إلى إرتفاع درجة حرارة التروبوسفير بمعدّل أكبر بقليل من السطح في حين برد الستراتوسفير بشكل ملحوظ منذ العام ١٩٧٩. ويتماشى ذلك مع التوقعات الفيزيائية والنتائج المثالية التي تدل على الدور المتنامي الذي تؤديه غازات الدفيئة في إحترار التروبوسفير وتبريد الستراتوسفير. كما يساهم إستنزاف الأوزون فعلياً في تبريد الستراتوسفير. وبالتزامن مع الإرتفاعات الملحوظة في حرارة الأرض، سجّلت إنخفاضات في طول الأنهار وفي مواسم تجلّد البحيرات. إلى جانب ذلك, حصل إنخفاض عام في الكتلة الجليدية في القرن العشرين كما أصبح الذوبان في الغلاف الجليدي لغرينلاند واضحاً وانخفض الغطاء الجليدي في عدد كبير من مناطق الجزء الشمالي من الكرة الأرضية وانخفضت سماكة جليد البحر في القطب الشمالي في كافة المواسم وبشكل درامي على الأخص في الصيف وفي الربيع. أما المحيطات فهي أيضاً تشهد إحتراراً وبدأ مستوى سطح البحر يرتفع بسبب التمدد الحراري للمحيطات وبسبب ذوبان الجليد القاري.