IPCC Fourth Assessment Report: Climate Change 2007
تقرير الفريق العامل الأول ‎‎‎-- قاعدة العلوم الفيزيائية

٥.٤. إقتران تغيّر المناخ بتغيّر الدورات الكيميائية الأرضية الحيوية

إن كافة النماذج التي تعالج اقتران دورة الكربون بتغيّر المناخ تشير إلى أثر إيجابي للتأثير التفاعلي، مع الإحترار الذي يعمل على القضاء على إمتصاص الأرض والمحيط لثاني أكسيد الكربون، ما يؤدي إلى إزدياد نسبة ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي وتعزيز تغيّر المناخ نسبة إلى أحد سيناريوهات الإنبعاثات، إلا أن قوة أثر التأثير التفاعلي هذا يختلف كلياً بين النماذج. ومنذ تقرير التقييم الثالث، تم تطوير ومقارنة العديد من الإسقاطات الجديدة التي تستند إلى نماذج إرتباط تام بين دورة الكربون والمناخ. وبالنسبة إلى السيناريو أ ٢ من التقرير الخاص لسيناريوهات الإنبعاثات، واستناداً إلى سلسلة من نتائج النموذج، من المرجّح أن يتعدى الإرتفاع المتوقع لجهة تركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي في القرن الحادي والعشرين، الإسقاطات من دون التأثير التفاعلي ذلك بنسب تتراوح بين ١٠ و٢٥%، مضيفاً أكثر من درجة مئوية واحدة إلى الإحترار النسبي المتوقع بحلول العام ٢١٠٠، بالنسبة إلى سيناريوهات الإنبعاثات الواردة في التقرير الخاص. وعلى النحو ذاته، يقلل إمتصاص ثاني أكسيد الكربون المنخفض والناتج عن هذا الأثر، من إنبعاث ثاني أكسيد الكربون الذي يتناسب مع مستوى الإستقرار الهدف. لكن، لا تزال الشكوك قائمة لأسباب عديدة، منها الفهم المحدود لدينامية الأنظمة الإيكولوجية الخاصة بالأرض والتربة. {٧.٣، ١٠.٤}

إن إرتفاع تركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي يؤدي مباشرة إلى زيادة تحمّض سطح المحيط. وتشير إسقاطات سيناريوهات الإنبعاثات التابعة للتقرير الخاص إلى تراجع الرقم الهيدروجيني من ٠.١٤ إلى ٠.٣٥ وحدة في القرن الحادي والعشرين (بحسب السيناريو)، معززةً الإنخفاض الحالي (١.٠ وحدة) الموروث عن فترة ما قبل التصنيع. وقد يؤدي تحمّض المحيط إلى حل رواسب الكاربونات الموجودة في المياه السطحية. ويتوقع أن تُظهر المياه السطحية جنوبي المحيط حالة عدم تشبّع نظراً إلى كمية كربونات الكالسيوم مقابل تركيز ثاني أكسيد الكربون، أي أكثر من ٦٠٠ جزء بالمليون، وهو مستوى تم تخطيه خلال النصف الثاني من القرن الحادي والعشرين في معظم سيناريوهات التقرير الخاص. كما ستتأثر مناطق خطوط العرض المتدنيّة وأعماق المحيط. وقد تؤثر هذه التغيّرات على الكائنات البحرية التي تتغذى من كربونات الكالسيوم لتنمّي هيكلها الخارجي، غير أن الأثر الفعلي الذي سينعكس على دورة الكربون البيولوجية في المحيطات لم يتبلور بعد. {الإطار ٧.٣، ١٠.٤}

يتفاوت تغيّر المناخ الملتزم بسبب الإنبعاثات الماضية بشكل واضح بحسب مختلف عوامل التأثير، وذلك بسبب تفاوت الأعمار في الغلاف الجوي للأرض (انظر الملخّص الفني، الإطار ٩). ويأخذ تغيّر المناخ الملتزم الحاصل من جراء الإنبعاثات الماضية، (أولاً) بالوقت الذي يستغرقه النظام المناخي قبل الإستجابة للتغيّرات في التأثير الإشعاعي، و(ثانياً) بالنطاقات الزمنية التي تستمر فيها عوامل التأثير المختلفة في الغلاف الجوي بعد إنبعاثها، نظراً إلى تفاوت أعمارها. وعلى النحو ذاته، يتضمن التغيّر المناخي الملتزم الحاصل نتيجة الإنبعاثات الماضية فترةً أساسيةً من الإرتفاع الإضافي في درجات الحرارة، وذلك للأسباب المذكورة أعلاه، يتبعها تراجع طويل الأمد يترافق مع إنخفاض التأثير الإشعاعي. وتتمتع بعض غازات الدفيئة بأعمار جوية قصيرة نسبياً (عقود على الأكثر)، نذكر منها الميثان وأول أكسيد الكربون، فيما تتمتع غازات أخرى كأكسيد النيتروز بأعمار أطول تصل إلى مئة سنة، وأحياناً آلاف السنين، كسادس فلوريد الكبريت والمركبات الكربونية الفلورية المشبعة. ولا ينحل تركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي بفترة زمنية في حال توقفت الإنبعاثات. ويتطلب زوال ثاني أكسيد الكربون المنبعث في الغلاف الجوي جداول زمنية متعددة، كما أنه قد يحافظ على بقائه لآلاف السنين، ما يؤدي إلى إلتزام الإنبعاثات بتغيّر المناخ على الأمد الطويل. إن صدّ المحيط عملية طويلة الأمد وبطيئة، يتضمن التأثير التفاعلي لرواسب كربونات الكالسيوم، وتستغرق من ٣٠،٠٠٠ إلى ٣٥،٠٠٠ سنة كي يتوصل تركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي إلى التوازن. ومع إستخدام مكوّنات مقرونة من دورة الكربون، تُظهر نماذج نظام الأرض المتوسطة التعقيد أن التغيّر المناخي الملتزم الناتج عن إنبعاثات ثاني أكسيد الكربون الماضية، بقي قائماً لأكثر من ١٠٠٠ سنة، ولم تعد درجات الحرارة ومستوى سطح البحر إلى القيم التي كانت عليها في فترة ما قبل التصنيع، حتى بعد إنقضاء هذه الفترات الزمنية الطويلة. ويمكن الحصول على النطاقات الزمنية الطويلة لتغيّر المناخ الملتزم من خلال وصف إنبعاثات ثاني أكسيد الكربون البشرية المنشأ التي تلت خطوة فترة الإستقرار عند ٧٥٠ جزءاً بالمليون، بالإضافة إلى تثبيت الإنبعاثات عشوائياً عند الصفر في العام ٢١٠٠. في هذا الوضع الإختباري، يتطلب تركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي من قرن إلى ٤ قرون في مختلف النماذج، كي ينتقل المستوى من حده الأقصى (تراوح بين ٦٥٠ و٧٥٠ جزءاً بالمليون) إلى ما دون مستوى تركيز ثاني أكسيد الكربون في فترة ما قبل التصنيع بضعفين (حوالي ٥٦٠ جزءاً بالمليون)، نظراً إلى إنتقال مستمر ولكن بطيء للكربون من الغلاف الجوي والخزانات الأرضية إلى المحيط (انظر الملخّص الفني، الرسم ٣١). {٧،٣- ١٠.٧}

إلتزام تغيّر المناخ

الرسم 31

الرسم ٣١: إن إحتساب إلتزام تغيّر المناخ الناتج عن الإنبعاثات الماضية الخاصة بخمسة نماذج متوسطة الصعوبة من نظام الأرض، بالإضافة إلى سيناريو مثالي حيث تلي الإنبعاثات خطاً يؤدي إلى إستقرار ثاني أكسيد الكربون في الجو على مستوى ٧٥٠ جزءاً بالمليون. لكن، قبل الوصول إلى هذا الهدف، تُخفض الإنبعاثات إلى الصفر تلقائياً في العام ٢١٠٠. (إلى اليسار) إنبعاثات ثاني أكسيد الكربون وتركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي. (في الوسط) إحترار السطح وإرتفاع مستوى سطح البحر بسبب المد الحراري. (إلى اليمين) تغيّر في جردة إجمالي الكربون الأرضي والمحيطي منذ فترة ما قبل التصنيع. {الرسم ١٠.٣٥}

إن التركيز المستقبلي لعدد من غازات الدفيئة غير ثاني أكسيد الكربون وسلائفها قد يكون مقروناً بتغيّر المناخ في المستقبل. ويشير عدم الفهم الكافي لأسباب التقلبات الحديثة التي طرأت على نسبة نمو الميثان إلى حالات شاسعة من عدم اليقين في الإسقاطات المستقبلية الخاصة بهذا الغاز بالتحديد. ومن المرجّح أن يزيد الميثان المنبعث من الأراضي الرطبة، ضمن مناخٍ أكثر إحتراراً ورطوبة، وأن ينخفض ضمن مناخ أكثر إحتراراً وجفافاً. وتشير الملاحظات أيضاً إلى إزدياد الميثان المنبعث من أراضي الخث الشمالية التي تعيش تربتها الصقيعية ذوباناً في الوقت الراهن، على الرغم من أن حجم هذا الأثر الكبير لم يحدد بعد. وقد تؤثر تغيّرات درجة الحرارة والرطوبة والسحب على الإنبعاثات البيولوجية المنشأ لسلائف الأوزون، مثل المركبات العضوية المتطايرة. كما يتوقع أن يؤثر تغيّر المناخ على الأوزون التروبوسفيري عبر تغيّرات تطرأ على الكيمياء والنقل. وقد يؤدي تغيّر المناخ إلى تغيّرات لجهة الهيدروجين والأكسيجين، عبر تغيّرات في الرطوبة، وقد يحدث تقلّباً على مستوى تركيز الأوزون في الستراتوسفير وبالتالي على مستوى الإشعاع فوق البنفسجي في التروبوسفير {٧.٤، ٤.٧}

من المتوقع أن يؤثر تغيّر المناخ على الإنبعاثات المستقبلية للعديد من الأهباء الجوية وسلائفها. وتشير التقديرات حول التغيّرات المستقبلية لجهة إنبعاثات الغبار في إطار سيناريوهات متعددة حول المناخ وإستخدام الأراضي، إلى أن آثار تغيّر المناخ في السيطرة على إنبعاثات الغبار المستقبلية تفوق آثار تغيّره في إستخدام الأراضي أهميةً. وتشير نتائج إحدى الدراسات إلى أن علميّ الأرصاد الجوية والمناخ يؤثران على الإنبعاثات الآسيوية المستقبلية للغبار وعواصف الغبار، أكثر ممّا يؤثران على التصحّر. ومن المعروف عن الإنبعاثات الحيوية المنشأ للمركّبات العضوية المتطايرة، وهي مصدر هام للأهباء العضوية الثانوية، أنها حساسة للغاية لدرجات الحرارة (وتزداد معها). لكن، تتراجع مردودات الأهباء الجوية مع درجات الحرارة، وتبقى آثار الأمطار المتغيّرة والتكييف الفيزيولوجي غير أكيدة. وبالتالي، قد يكون تغيّر توليد الهباء العضوي الثانوي الحيوي المنشأ في إطار مناخ أكثر إحتراراً، أدنى بكثير من إستجابة إنبعاثات الكربون العضوي المتطاير الحيوي المنشأ. وقد يؤثر تغيّر المناخ على تقلّبات كبريتيد ثنائي المثيل (وهو من سلائف بعض الأهباء الكبريتية) والأهباء الملحية البحرية من المحيط، غير أن تأثير ذلك على درجات الحرارة والأمطار يبقى غير مؤكد على الإطلاق. {٧.٥}

وبينما بقي الأثر الإحتراري لثاني أكسيد الكربون إلتزاماً على مدى قرون عدة، أُزيلت الأهباء الجوية من الغلاف الجوي في ظرف أيام، وبالتالي، سرعان ما تغيّر التأثير الإشعاعي السلبي الناتج عن الأهباء الجوية، إستجابة لأي تغيّرات تطرأ على إنبعاثات الأهباء الجوية أو سلائفها. ونظراً إلى أنه من المرجّح جداً أن تعكس الأهباء الكبريتية تأثيراً إشعاعياً سلبياً حيوياً في الوقت الراهن، فإن صافي التأثير المستقبلي يمتاز بحساسية كبيرة على تغيّرات إنبعاثات الكبريت. وتشير إحدى الدراسات إلى أن الإزالة المحتملة لمجمل العبء الحالي الذي تشكله جزئيات الأهباء الكبريتية البشرية المنشأ من الغلاف الجوي، قد تولّد إرتفاعاً سريعاً في درجات الحرارة النسبية في العالم، قد يصل إلى ٠,٨ درجة مئوية في غضون عقد أو عقدين. ومن المرجّح أن تؤثر التغيّرات في الأهباء الجوية على تساقط الأمطار. وبالتالي، فإن أثر الإستراتيجيات البيئيية الآيلة إلى تلطيف التغيّرات المناخية يستوجب الأخذ بإعتبار التغيّرات في إنبعاثات غازات الدفيئة والأهباء الجوية. وقد تنتج تغيّرات إنبعاثات الأهباء الجوية عن تدابير مطبقة لتحسين نوعية الهواء، ما قد يؤثر على تغيّر المناخ. {الإطار ٧.٤ - ٧.٦ - ١٠.٧}

قد يعدل تغيّر المناخ عدداً من العمليات الكيميائية والفيزيائية التي يسيطر على جودة الهواء، ومن المرجّح أن يختلف صافي الآثار بين منطقة وأخرى. ويمكن أن يؤثر تغيّر المناخ على جودة الهواء من خلال تعديل نسب توزيع الملوثات ونسبة إزالة الأهباء الجوية والأنواع القابلة للحل من الغلاف الجوي، والبيئة الكيميائية العامة لجيل الملوثات، بالإضافة إلى البيئة الكيميائية العامة للجيل الملوث وقوة الإنبعاثات من المحيط الحيوي والحرائق والغبار. كما يُتوقع أن يساهم تغيّر المناخ في تخفيض الأوزون الطبيعي في العالم. وبشكل عام، تحيط نسبة عالية من عدم اليقين بصافي أثر تغيّر المناخ على نوعية الهواء. {الإطار ٧.٤}