١٢ التنمية المستدامة والتخفيف
العلاقة بين التنمية المستدامة وتخفيف تغيّر المناخ
إعتمدت اللجنة العالمية للبيئة والتنمية مفهوم التنمية المستدامة، وجرى الإتفاق على أن التنمية المستدامة تعني مقاربة شاملة متكاملة للعمليات الإقتصادية والإجتماعية والبيئية. لكن النقاشات حول التنمية المستدامة ركّزت أساساً على البعدين البيئي والإقتصادي، أما أهمية العوامل الإجتماعية والسياسية والثقافية فلم تحظَ بالتأييد إلا مؤخّراً. لا بدّ من التكامل بغية ربط مسارات التنمية المستدامة، بما فيها معالجة مشكلة تغيّر المناخ [١٢.١].
وعلى الرغم من أن المراحل لا تزال في بداياتها، برز إستخدام متزايد للمؤشرات في قياس إستدامة التنمية وإدارتها على المستويين الكلي والقطاعي؛ ويحرّك هذه الإستدامة جزئياً الإصرار المتنامي على المحاسبة في سياق الحكم ومبادرات الإستراتيجيات. على المستوى القطاعي، بدأت الصناعة والحكومات بقياس التقدّم نحو التنمية المستدامة والإبلاغ عنه بواسطة إصدار شهادات خضراء، أو أدوات مراقبة، أو دوائر تسجيل الإنبعاثات كوسائل من بين غيرها. إلا أن مراجعة المؤشرات تظهر أن مؤشرات كلّية قليلة تتضمن تدابير التقدّم في ما يتعلق بتغيّر المناخ (توافق عالٍ، أدلة كثيرة) [١٢.١.٣].
إن تغيّر المناخ لا يتأثر بالسياسيات المتمحورة حول الطقس فحسب («مقاربة المناخ الأولى»)، بل بمزج الخيارات التنمويّة المتخذة ومسالك التنمية التي تفضي إليها هذه السياسات أيضاً («مقاربة التنمية الأولى») – وهذه النقطة مدعومة من تحليل السيناريوهات الشامل الذي نُشر بعد تقرير التقييم الثالث. من شأن جعل التنمية أكثر استدامة عبر تغيير دروب التنمية أن يشكل إسهاماً هاماً في أهداف المناخ. لكن يجدر ذكر أن تغيير دروب التنمية لا يعني إختيار درب موجودة على الخارطة، بل يعني الإبحار في مشهد مجهول وفي طور التقدّم (توافق عالٍ، أدلة كثيرة) [١٢.١.١].
كما جرى النقاش حول إمكانية التنمية المستدامة أن تقلّص هشاشة البلدان كافة، خاصة البلدان النامية، في مواجهة آثار تغيّر المناخ. ويمكن لتقديم هذا النقاش على أنه مشكلة تنموية بدلاً من بيئية أن يحقق بشكل أفضل الأهداف المباشرة للبلدان كافة، خاصة تلك النامية لهشاشتها بشكل خاص في مواجهة تغيّر المناخ، مع القيام، في الوقت عينه، بمعالجة القوى المحرّكة للإنبعاثات المتصلة بدرب التنمية الأساسية [١٢.١.٢].