السؤال ٩-١ : هل من الممكن تفسير وقوع الأحداث المتطرفة الفردية
السؤال ٩-١
هل من الممكن تفسير وقوع الأحداث المتطرفة الفردية
عن طريق الإحترار الدفيئي؟
يتوقع أن تكون التغيّرات المناخية العنيفة متعلقة بإحترار المناخ وذلك نتيجة إرتفاع كمية غازات الدفيئة الموجودة في الغلاف الجوي والناتجة عن الأنشطة البشرية كإستخدام الوقود الأحفوري مثلاً. لذلك، إن تحديد ما إذا كان لحادثة متطرفة معينة سبباً محدداً كإرتفاع غازات الدفيئة، هو أمر صعب لا بل مستحيل لسببين. أولاً، يكون إشتراك العديد من العوامل هو السبب في حصول الأحداث المتطرفة. ثانياً، يعتبر حدوث سلسلة واسعة من الأحداث المتطرفة أمراً طبيعياً حتى في المناخات غير المتغيّرة. وفي جميع الأحوال، يشير تحليل الإحترار على مدى القرن الماضي إلى أن نسبة إحتمال وقوع بعض الأحداث المتطرفة كالأمواج الحرارية قد إرتفعت بسبب الإحترار الدفيئي، كما أن نسبة إحتمال وقوع بعض الأحداث الأخرى كالتجمّد أو الليالي الباردة جداً قد إنخفضت. وعلى سبيل المثال، تشير دراسة حديثة إلى أن التأثيرات البشرية قد ضاعفت خطر حدوث صيف أوروبي حار جداً مثلما جرى في العام ٢٠٠٣.
غالباً ما يتساءل الأشخاص المتأثرون بحادثة طقس عنيفة ما إذا كانت التأثيرات البشرية على المناخ هي المسؤولة عما جرى. وقد شهدت السنوات الماضية الأخيرة وقوع أحداث متطرفة، ربطها بعض المعلقين بإرتفاع غازات الدفيئة. ومن بين هذه الأحداث، يحضر الجفاف المستمر في أستراليا والصيف الحار جداً في أوروبا في العام ٢٠٠٣ (الرسم أ) فضلاً عن موسمي ٢٠٠٤ و٢٠٠٥ للأعاصير في المحيط الأطلسي الشمالي وأحداث تساقط الأمطار العنيفة في مومباي في الهند في خلال شهر تموز / يوليو ٢٠٠٥. هل من الممكن أن تكون التأثيرات البشرية كإرتفاع تركيزات غازات الدفيئة الموجودة في الغلاف الجوي هي السبب في حصول أي من هذه الأحداث؟
تنتج الأحداث المتطرفة عادةً عن مجموعة عوامل. فعلى سبيل المثال، ساهم العديد من العوامل في حدوث صيف أوروبي حار جداً في العام ٢٠٠٣، بما في ذلك نظام متواصل من الضغط العالي رافقته سماء نقية جداً وتربة جافة، ما أدّى إلى توفر كمية من الطاقة الشمسية الكافية لتسخين الأرض، لأن نسبة أقل من الطاقة قد استُهلكت في تبخّر الرطوبة من التربة. بالإضافة إلى ذلك، يتطلب تكوين الإعصار درجات حرارة عالية عند سطح البحر فضلاً عن شروط محددة لدوران الغلاف الجوي. ومن غير السهل إكتشاف التأثير البشري على ظاهرة محددة لأنه من الممكن أن تتسبب الأنشطة البشرية، كدرجات حرارة مياه سطح البحر، ببعض العوامل، ولكن قد لا يكون بعضها الأخر بشري المنشأ.
وعلى الرغم من ذلك، يمكن إستخدام النماذج المناخية لتحديد ما إذا كانت التأثيرات البشرية قد بدّلت بعض أنواع الأحداث المتطرفة. فعلى سبيل المثال، وفي ما يتعلق بموجة الحر التي ضربت أوروبا في العام ٢٠٠٣، لم يتضمن النموذج المناخي سوى التغيّرات التاريخية في العوامل الطبيعية التي أثرت على المناخ كالنشاط البركاني فضلاً عن تغيّرات في التوليد الشمسي. كما إشتمل النموذج على العوامل البشرية والطبيعية معاً التي أنتجت محاكاة لتطور المناخ الأوروبي الذي بدا قريباً جداً مما حصل حالياً. وبناء على هذه التجارب، يُقدّر أن تكون التأثيرات البشرية على مدى القرن العشرين قد ضاعفت خطر حدوث صيف أوروبي حار كصيف العام ٢٠٠٣، ومع غياب التأثيرات البشرية فإن الخطر قد يكون واحداً في خلال مئات السنين. وقد تطرح الحاجة إلى تصميم نموذج مفصل بغية تقدير التغيّر في الخطر لوقوع أحداث متطرفة محددة كظهور سلسلة من الليالي الحارة جداً في منطقة حضرية كباريس.
ومن الممكن إستخدام مقاربة مبنية على أرجحية – «هل يغير التأثير البشري في مسار أرجحية حادثة ما؟» – لتقدير تأثير العوامل الخارجية كإرتفاع غازات الدفيئة، على تواتر أنواع محددة من الأحداث كالأمواج الحرارية أو الجليد. وعلى الرغم من ذلك، تبقى التحليلات الإحصائية الدقيقة مطلوبة كون الأحداث المتطرفة التي من الممكن أن تحصل كجليد في ربيع متأخر، قابلة لتبدّل بسبب التغيّرات في التقلبية المناخية فضلاً عن التغيّرات في الشروط المناخية. وتعتمد مثل هذه التحليلات على النموذج المناخي المبني على التقلبية المناخية، ويجب تالياً على النماذج المناخية المستخدمة أن تمثل بشكل صحيح هذه التقلبية.
ومن الممكن إستخدام هذه المقاربة التقريبية لتفحّص التغيّرات في تواتر تساقط الأمطار العنيف أو الفيضانات. وتتوقع النماذج المناخية أن التأثيرات البشرية ستسبب إرتفاعاً في عدة أنواع من الظواهر المتطرفة بما فيها التساقط الحاد للأمطار. ويوجد دليل على أنه في العصور الحالية إزداد تساقط الأمطار الحاد في بعض المناطق ما أدى إلى إرتفاع في نسب الفيضانات.