تفاعل خيارات التخفيف مع عوامل التأثير والتكيّف
تتميز الروابط بين التكيّف والتخفيف في القطاع الصناعي بمحدوديتها. فالعديد من خيارات التخفيف (مثلاً، الكفاءة في إستخدام الطاقة وإستعادة الحرارة والطاقة وإعادة التدوير) لا تتأثر بتغيّر المناخ، وبالتالي لا تنشئ أي رابط من روابط التكيّف. وهناك خيارات أخرى، مثل التحوّل ما بين أنواع الوقود أو المواد الخام (مثلاً، الكتلة الأحيائية أو غيرها من مصادر الطاقة المتجددة) يمكن أن يؤثر عليها تغيّر المناخ [٧.٨].
فاعلية وتجربة السياسات المعنيّة بالمناخ وإمكانياته وحواجزه وفرصه / المسائل المتعلقة بالتنفيذ
لم تستخدم الخيارات المتاحة للتخفيف إستخداماً كاملاً سواء في الدول المصنّعة أو النامية. ففي العديد من مناطق العالم، لا تتطلب قواعد السوق أو الحكومة تخفيف إنبعاث غازات الدفيئة. ففي هذه المناطق، ستستثمر الشركات في مجال تخفيف إنبعاث غازات الدفيئة إلى أن توفر عوامل أخرى عائدات من هذه الإستثمارات. وقد تكون هذه العائدات إقتصادية؛ مثلاً، توفّر مشاريع كفاءة إستخدام الطاقة عائدات إقتصادية، أو قد تكون كذلك في حال تحقيق أهداف أوسع للشركة، كإلتزامها بالتنمية المستدامة على سبيل المثال. ولن يتم تحقيق الإمكانية الإقتصادية المحددة أعلاه إلا إذا وضعت سياسات وقواعد لذلك. والمعني بالأمر في هذا الخصوص هو، كما أشير أعلاه، أن أغلب الصناعات الشديدة الإستهلاك للطاقة موجودة في البلدان النامية. كما أن بطئ معدّل معاملات أسهم رأس المال يشكّل عائقاً أمام العديد من الصناعات، والأمر ذاته ينسحب على إنعدام الموارد المالية والفنية اللازمة لتنفيذ خيارات التخفيف ومحدودية قدرة الشركات الصناعية، لاسيما المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم، على الوصول وإستيعاب المعلومات المتعلقة بالخيارات المتاحة (توافق كبير، أدلة وافية) [٧.٩.١].
تم عقد إتفاقات طوعية بين القطاع الصناعي والحكومات للحدّ من الطاقة وإنبعاثات غازات الدفيئة منذ بداية التسعينيات. ويمكن للإتفاقات المُحكمة الصياغة، والتي تحدد أهدافاً واقعية وتحظى بدعمٍ حكومي كافٍ وتكون في الغالب جزءاً من مجموعة تدابير سياسية بيئية عامة أوسع، مع ما تتوعد به اللوائح الحكومية المتزايدة أو الضرائب المفروضة على الطاقة / غازات الدفيئة كتهديد حقيقي إذا لم تتحقق الأهداف، أن توفّر الطاقة أو إنخفاض الإنبعاثات بصفة اعتيادية. وقد أسرع البعض إلى تطبيق أفضل التكنولوجيات الموجودة، ما أدى إلى إنخفاض الإنبعاثات مقارنةً مع الخط الأساس، خاصةً في البلدان ذات أعراف التعاون الوثيق ما بين الحكومات والقطاع الصناعي. لكن معظم الإتفاقات الطوعية لم تحقق أي إنخفاض في الإنبعاثات يكون أهم من المعتاد. وتعتمد الشركات والحكومات دون الوطنية والمنظمات غير الحكومية والمجموعات المدنية عدداً كبيراً من الإجراءات الطوعية، بإستقلال عن السلطات الحكومية التي من شأنها الحدّ من إنبعاثات غازات الدفيئة وتحفيز سياسات إبتكارية وتشجيع تطوير تكنولوجيات جديدة. إلا أن تأثيرها يظل بشكل عام محدوداً نظراً لكونها تعمل وحدها.
ويمكن أن تكون السياسات الساعية إلى الحدّ من العوائق التي تحول دون إعتماد تكنولوجيا فاعلة من حيث الكلفة ومنخفضة من حيث إنبعاثات غازات الدفيئة (مثل إنعدام المعلومات والمعايير وعدم توفر التمويل الكافي لشراء تكنولوجيا حديثة للمرة الأولى)، فاعلة. وللعديد من البلدان، المتقدمة والنامية على حد سواء، خطط مالية من أجل تشجيع توفير الطاقة في المجال الصناعي. وبحسب دراسة إستقصائية للمجلس العالمي للطاقة، يقدّم ٢٨ بلداً نوعاً من المنح أو الإعانات إلى المشاريع المعنيّة بكفاءة الطاقة. كما تستعمل التدابير الضريبية لتحفيز وفورات الطاقة في الميدان الصناعي. لكن، هناك إسترداد الحوافز المالية التي غالباً ما يقدّمها أيضاً المستثمرين الذين قاموا بإستثمارهم بلا حوافز. ومن الحلول الممكنة لتحسين فاعلية الكلفة، تحديد الخطط لمجموعات و/أو تقنيات مستهدفة خاصة (قوائم مختارة من الأجهزة، التكنولوجيات الإبتكارية فقط)، أو الإستعمال المباشر لمعايير فاعلية الكلفة [٧.٩.٣].
وتوجد قيد التطوير عدة نظم تجارية خاصة بإنبعاثات ثاني أكسيد الكربون على الصعيد الوطني أو الإقليمي أو القطاعي. ويمكن أن تسترشد عملية تحسين هذه النظم التجارية بالأدلة التي توحي بذلك في بعض الجوانب الهامة، ويواجه المشاركون من القطاع الصناعي وضعاً مغايراً جداً عند المقارنة مع المشاركين من قطاع الكهرباء. فعلى سبيل المثال، تكون الاستجابة لسعر إنبعاث الكربون في الصناعة أكثر بطئا بسبب الحافظة التكنولوجية المحدودة جداً وإنعدام إمكانيات تحوّل أنواع الوقود على المدى القصير، ما يجعل التنبؤ بآليات المخصصات وإشارات إستقرار السعر من أهم المسائل بالنسبة إلى الصناعة [٧.٩.٤].
ومثلما تمت الإشارة في تقرير التقييم الثالث، تتأثر جميع أحجام المؤسسات الصناعية بالتغيّرات التي تحدث في السياسة العامة للحكومة وإختيارات المستهلك. ولهذا السبب، تتبين الأهمية القصوى لنظامٍ ثابت في سنّ السياسات العامة للقطاع الصناعي. (توافق كبير، أدلة وافية) [٧.٩].