IPCC Fourth Assessment Report: Climate Change 2007
تقرير الفريق العامل الأول ‎‎‎-- قاعدة العلوم الفيزيائية

٤.٥. إستجابة المناخ للتأثير الإشعاعي

يمثل تحديد هذا التقرير لنطاق محتمل وقيمة أكثر إحتمالاً لجهة الحساسية المناخية[٨] المتوازنة ، خطوةً معنوية هامة في تحديد كمية إستجابة النظام المناخي للتأثير الإشعاعي منذ صدور تقرير التقييم الثالث، كما يُعتبر تطوراً على مستوى التحديات المطروحة لفهم الأمور والتي استمرت على مدى ٣٠ سنة وأكثر. وأشار تقرير التقييم الثالث إلى نطاق حساسية المناخ المتوازنة – أي معدّل الإحترار العالمي المتوازن والمتوقع إذا تمّت مضاعفة تركيزات ثاني أكسيد الكربون التي كانت موجودة في فترة ما قبل الثورة الصناعية (حوالي ٥٥٠ جزءاً بالمليون) – وحدده بين ١.٥ و٤.٥ درجة مئوية. في السابق، لم يكن ممكناً التوصل إلى تقدير أفضل أو التنبؤ بإحتمال خروج حساسية المناخ عن النطاق المذكور. ويعتمد هذا التقييم مقاربات مختلفة لتقييد حساسية المناخ، مثل إستخدام نماذج الدوران العام للغلاف الجوي- المحيطات ودراسة تطور درجات الحرارة المؤقت (السطح والغلاف الجوي العلوي والمحيطات) خلال السنوات الـ١٥٠ الماضية، ودراسة إستجابة النظام المناخي العالمي السريعة لتغيّرات التأثير الناتجة عن الثوران البركاني (انظر الملخّص الفني، الرسم ٢٥). إلى ذلك، تُضاف تقديرات تستند إلى دراسات عن مناخ عصر ما قبل التاريخ كإعادة توليد درجات الحرارة في القطب الشمالي للألفية الماضية والحد الأقصى للغمر الجليدي الأخير. وأظهرت مجموعات كبرى من حالات محاكاة النماذج المناخية أن قدرة النماذج على محاكاة المناخ الحالي تكتسي قيمةً أكبر عند تقييد حساسية المناخ. {٨.١، ٨.٦، ٩.٦ – الإطار ١٠.٢}

التوزيع التراكمي لحساسية المناخ

الرسم 25

الرسم ٢٥: التوزيع التراكمي لحساسية المناخ بحسب الإحترار (باللون الأحمر) الملحوظ في القرن العشرين ونموذج علم المناخ (باللون الأزرق) والدلائل غير المباشرة (باللون الأزرق الداكن) وحساسية المناخ في نماذج الدوران العام للغلاف الجوي - المحيطات (باللون الأخضر). وتدل الخطوط الأفقية والأسهم على حدود التقديرات المرجّحة والمحددة في المذكرة التوجيهية الرابعة من أجل التقييم الصادرة عن الهيئة الدولية المعنيّة بتغيّر المناخ (انظر الملخّص الفني، الإطار ١). {الإطار ١٠.٢الرسم ١ و٢}

يشير تحليل النماذج، بالإضافة إلى القيود التي تتبع الملاحظات، إلى أن حساسية المناخ المتوازنة ستتراوح على الأرجح بين درجتين مئويتين إثنتين و٤.٥ درجات مئوية، وتساوي ٣ درجات مئوية بالتحديد. ومن المستبعد جداً أن تقل عن معدّل ١.٥ درجة مئوية. ولا يمكن تهميش القيم التي تتعدى الـ ٤.٥ درجات، إلا أنها لن تتناسب مع الملاحظات. وغالباً ما تميل وظائف الكثافة المستخلصة من عدة مقاربات ومعلومات إلى الإقتراب من قيم مرتفعة تتعدى الـ ٤.٥ درجة مئوية. ولا تصف تحليلات تطوّر المناخ والتأثيرات الخاصة بالقرون السابقة ودراسات مجموعة النماذج، حساسية المناخ بأنها تساوي ٦ درجات مئوية وما فوق. وتشكل فاعلية التأثير الإشعاعي على نطاقات صغيرة خلال القرن العشرين، في حال بلغت قدرات التبريد غير المباشرة للأهباء الجوية الحد الأقصى من تراوح شكوكها، أحد العناصر في هذا الإطار، ما يلغي معظم التأثير الإيجابي الناتج عن غازات الدفيئة. لكن، ما من طريقة معيّنة لوظيفة توزيع ممكنة وصادرة عن نتائج فردية، تأخذ الفرضيات المختلفة لكل دراسة بعين الاعتبار. ويمنع الإفتقار إلى قيود قوية تحد حساسيات المناخ العالية، تحديد حساسية المناخ عند حد المئين الخامس والتسعين أو ما يقاربه. {الإطار ١٠.٢}

اليوم، بات من الأسهل تفهّم العمليات المناخية الأساسية والهامة بالنسبة إلى حساسية المناخ، وذلك بسبب تطوّر تحاليل ومقارنات النماذج في ما بينها ومع الملاحظات. وتسيطر تغيّرات بخار الماء على التأثير التفاعلي الذي يؤثر على حساسية المناخ، وباتت اليوم مفهومة بشكل أفضل. وتؤيد الأدلة المرتبطة بالملاحظات والنمذجة، التأثير التفاعلي لمعدّل بخار الماء - التفاوت الحراري[٩] المشترك والذي يتساوى مع قوة نماذج الدوران العام، أي إزدياد درجات الحرارة بحوالي ١ واط بالمتر المكعب لكل درجة إرتفاع من درجات الحرارة في العالم، ما يتناسب مع إحترار نسبي عالمي يصل إلى ٥٠%. وبرهنت نماذج الدوران العام هذه قدرتها على محاكاة تقلبات الرطوبة الموسمية والعقدية البينية، في الطبقة العليا من التروبوسفير الموجودة فوق الأرض والمحيط، كما نجحت في محاكاة التغيّرات الملحوظة لجهة الرطوبة وحرارة السطح، إلى جانب الثوران البركاني. ويبقى التأثير التفاعلي في السحب (وخاصةً السحب المتدنٍّية الإرتفاع) مصدر الشك الأكبر. واظهر التأثير التفاعلي في الغلاف، كالتغيّر في الغطاء الجليدي، أنه لم يساهم في إنتشار تقديرات النماذج حول حساسية المناخ، بقدر التأثير التفاعلي للسحب وبخار الماء، على الرغم من أهميته بالنسبة إلى تجاوب المناخ الإقليمي في مناطق خطوط العرض الوسطى والعليا. وتشير مقارنة جديدة بين النماذج إلى أن فوارق في أعداد النقل الإشعاعي تساهم أيضاً في تحديد النطاق. {٣.٤، ٨.٦، ٩.٣، ٩.٤، ٩.٦، ١٠.٢ – الإطار ١٠.٢}

يسمح تطور تقدير حساسية المناخ بتحديد أفضل التوقعات لجهة درجات الحرارة المتوازنة، والتنبؤ بالتراوح المحتمل في حال ثبت تركيز ثاني أكسيد الكربون على مستويات مختلفة، استناداً إلى تقديرات عالمية حول توازن الطاقة (الجدول ٥). وكما في تقدير حساسية المناخ، لا يمكن تحديد المستوى الفعلي للطبقة العليا. ومن الضروري الأخذ بحدود مفهوم التأثير الإشعاعي وحساسية المناخ. ولم تقم سوى قلة قليلة من نماذج الدوران العام للغلاف الجوي - المحيطات بتناول مسألة التوازن بحسب تركيز قوي لثاني اكسيد الكربون، وأظهرت بعض النتائج أن التأثير التفاعلي في المناخ قد يتغيّر مع مرور الوقت، ما يؤدي إلى انحراف واضح عن تقدير الإحترار المستند إلى حساسية المناخ المتوازنة، الناتجة عن نماذج طبقة المحيطات المختلطة وتغيّر مناخ عصر ما قبل التاريخ. {١٠.٧}

الجدول ٥. أفضل تقدير، نطاقات مرجّحة والحدود الأدنى المرجّحة جداً لزيادة المتوسط العالمي لدرجات الحرارة السطحية (درجة مئوية)، لدرجات الحرارة من المرحلة ما قبل الصناعية، ولمستويات مختلفة من ثاني أكسيد الكربون والتأثير الإشعاعي المكافئ، الناتجة عن حساسية المناخ.

التوازن ثاني أكسيد الكربون (جزء في المليون) زيادة في درجات الحرارة (درجة مئوية)  
أفضل تقدير مرجّح جداً فوق النطاق مرجّح ضمن النطاق 
٣٥٠ ١.٠ ٠.٥ ٠.٦–١.٤ 
٤٥٠ ٢.١ ١.٠ ١.٤–٣.١ 
٥٥٠ ٢.٩ ١.٥ ١.٩–٤.٤ 
٦٥٠ ٣.٦ ١.٨ ٢.٤–٥.٥ 
٧٥٠ ٤.٣ ٢.١ ٢.٨–٦.٤ 
١٠٠٠ ٥.٥ ٢.٨ ٣.٧–٨.٣ 
١٢٠٠ ٦.٣ ٣.١ ٤.٢–٩.٤ 

تطور إتفاق النماذج بخصوص تغيّرات المناخ المؤقتة المتوقعة منذ تقرير التقييم الثالث. ويتعدى تراوح حساسية المناخ المتوازنة نطاق تجاوب المناخ المؤقت (المحدَّد كالمعدّل العالمي لحرارة سطح الجو المحتسب على مدى عقدين من الزمن وبالاستناد إلى الفترة التي شهدت إزدياد كمية ثاني أكسيد الكربون بضعفين، وذلك بنسبة ١% في السنة الواحدة حسبما برهنت التجربة) المعروض بين النماذج. واليوم، باتت المجموعات المتعددة النماذج والمقارنات مع الملاحظات تقيد ذلك المعيار بطريقة أفضل. ومن المرجّح جداً أن يتعدى الدرجة المئوية الواحدة ومن المستبعد جداً أن يتخطى الثلاث درجات مئوية. وتتعلق إستجابة المناخ المؤقتة بالحساسية على نحو لا خطيّ، فتلك الحساسيات لا تترجم مباشرةً في الإستجابة القصيرة الأمد. وتتأثر إستجابة المناخ المؤقتة كثيراً بنسبة امتصاص حرارة المحيطات. وعلى الرغم من تطور نماذج المحيطات، يؤثر انحراف النماذج المنتظم والبيانات المحدودة المستخدمة لتقييم امتصاص حرارة المحيطات المؤقت، على دقة التقديرات الحالية. {٨.٣، ٨.٦، ٩.٤، ٩.٦، ١٠.٥}

الإطار ٨: هرمية نماذج المناخ العالمية

يمكن القيام بتقديرات حول تغيّر درجات الحرارة النسبية في العالم وإرتفاع مستوى سطح البحر الناتج عن المد الحراري، من خلال إستخدام نماذج المناخ البسيطة التي تمثل نظام الغلاف الجوي - المحيطات من خلال مجموعة من الإطارات حول العالم أو نصف الكرة الغربي، وتتنبأ بدرجات حرارة السطح في العالم من خلال إستخدام معادلة لتوازن الطاقة وقيمة محددة لحساسية المناخ وتمثيل أساسي لإمتصاص حرارة المحيطات. ويمكن أيضاً أن تقترن هذه النماذج بنماذج مبسطة للدورات الكيميائية الأرضية الأحيائية وتسمح بتقدير سريع لإستجابة المناخ إلى سلسلة واسعة من سيناريوهات الإنبعاثات. {٨.٨ ، ١٠.٥}

تتضمن نماذج نظام الأرض المتوسطة الصعوبة بعض الديناميات الخاصة بالدوران المحيطي والجوي أو تعيين البارامترات، وغالباً ما تتضمن تمثيلاً للدورات الكيميائية الأرضية الأحيائية، إلا أن كافة تلك النماذج تملك قدرة ضئيلة على الاستبانة المكانية. ويمكن إستخدام هذه النماذج للتحقيق في تغيّر المناخ القاري النطاق والآثار الطويلة المدى والواسعة النطاق للإقتران بين مكونات نظام الأرض من خلال إستخدام مجموعات واسعة من تشغيل / تطبيق النماذج أو التطبيق على مدى عقود. وبالنسبة إلى نماذج المناخ البسيطة ونماذج نظام الأرض المتوسطة الصعوبة، يمكن إحتساب تعيين أماكن البارامترات بكل سهولة، مع الأخذ بعدم اليقين حول البارامتر الناتج عن الإهتمام بنماذج مناخية أكثر شموليةً والملاحظات المناسبة واللجوء إلى حكم الخبراء. وبالتالي، يوائم نوعا النموذج القيام بتنبؤات محتملة عن المناخ المستقبلي، ويسمحان بالقيام بمقارنة بين «الإستجابة غير الأكيدة» الناتجة عن الشك في بارامترات نموذج المناخ من جهة، و«نطاق السيناريو» الناتج عن بعض سيناريوهات الإنبعاثات التي أُخذت بعين الإعتبار. وقد تمّ تقييم نماذج نظام الأرض المتوسطة الصعوبة بعمقٍ أكبر من ذي قبل وأظهرت المقارنات البينية أنها مفيدة لدراسة المسائل التي تمتد على نطاقات زمنية طويلة وتتطلب مجموعات واسعة من المحاكاة. {٨.٨، ١٠.٥، ١٠.٧}

تشكل نماذج الدوران العام للغلاف الجوي - المحيطات نماذج المناخ الأكثر شمولية. فهي تتضمن مكونات دينامية تصف العمليات الجوية والمحيطية والخاصة بسطح الأرض، كما الجليد البحري ومكوّنات أخرى. أُحرز تقدمٌ كبير منذ تقرير التقييم الثالث (انظر الملخّص الفني، الإطار ٧)، وهناك أكثر من ٢٠ نموذجاً متوفراً حول محاكاة المناخ صادراً عن مراكز مختلفة. على الرغم من أن الديناميات الواسعة النطاق لهذه النماذج شاملة، لا يزال تعيين البارامترات مستخدماً للإشارة إلى العمليات الفيزيائية غير المحلولة مثل تكوّن السحب والأمطار والإختلاط المحيطي الناتج عن عمليات الأمواج وتكون الكتل المائية وغيرها... يشكّل عدم اليقين لجهة تعيين البارامترات السبب الأول لتباين التنبؤات المناخية بين مختلف نماذج الدوران العام للغلاف الجوي - المحيطات. وفيما تتطور دراسة هذه النماذج، لا تزال غير كافية للإحاطة ببنية المتغيّرات المناخية الضيقة النطاق في مناطق مختلفة. وفي مثل هذه الحالات، يمكن إستخدام النتائج التي توصلت إليها نماذج الدوران العام للغلاف الجوي - المحيطات لإرشاد نماذج محدودة النطاق (أو مناخات إقليمية) تجمع ما بين شمولية تمثيل العمليات الشبيهة نماذج الدوران العام للغلاف الجوي - المحيطات، ودراسة مكانية على نطاقات أوسع بكثير. {٨.٢}

    ٨. ^  لتحديد الحساسية للمناخ على نحو مفصّل، راجع معجم المصطلحات.

    ٩. ^  معدّل تدنّي درجة حرارة الهواء مع الارتفاع.