٥.٢. إسقاطات واسعة النطاق بخصوص القرن الحادي والعشرين
يغطي هذا القسم التطورات المتعلقة بفهم الإسقاطات المناخية العالمية والعمليات التي ستؤثر على أنماطها الواسعة النطاق في القرن الحادي والعشرين. وسيتطرّق القسم التالي، أي الملخّص الفني ٥.٣، إلى تفاصيل التغيّرات على المستوى الإقليمي.
يرتبط معدّل إحترار السطح العالمي المتوقع في نهاية القرن الحادي والعشرين (٢٠٩٠ – ٢٠٩٩) بالسيناريوهات، وستؤثر الإنبعاثات الحالية على الإحترار بشكلٍ كبير. وترد حالات الإحترار، بالمقارنة مع الحالات المذكورة في ٦ من سيناريوهات التقرير الخاص للفترة الممتدة ما بين العامين ١٩٨٠ – ١٩٩٩، ومع معدّل التركيز المستقر للعام ٢٠٠٠، وما يتعلق بحالات الإحترار هذه من تقديرات ونطاقات يُرجح أنها تناسبها، في الجدول ٦ من الملخّص الفني. وتستند هذه النتائج إلى نماذج الدوران العام للغلاف الجوي - المحيطات والقيود الملحوظة وغيرها من السبل المعتمدة لتحديد تراوح إستجابة النموذج (انظر الملخّص الفني، الرسم ٢٧). ويسمح تداخل خيوط الإثباتات المتعددة بنسب الترجيحات إلى النطاقات المستخلصة، ما يشكّل تطوراً هاماً منذ تقرير التقييم الثالث. {١٠.٥}
الجدول ٦: معدّل إحترار السطح وإرتفاع مستوى سطح البحر المتوقع في العالم. {١٠.٥ – ١٠.٦ – الجدول ١٠.٧}
| تغيّر درجات الحرارة (درجة مئوية خلال ٢٠٩٠– ٢٠٩٩ نسبةً إلى ١٩٨٠ – ١٩٩٩) أ | إرتفاع مستوى سطح البحر (متر خلال ٢٠٩٠ – ٢٠٩٩ نسبةً إلى ١٩٨٠ - ١٩٩٩) |
---|
الحالة | أفضل توقّع | التراوح المرجّح | التراوح المستند إلى النموذج باستثناء التغيّرات الدينامية السريعة المستقبلية في التدفق الثلجي |
---|
التركيز الثابت للعام ٢٠٠٠ب | ٠.٦ | ٠.٣- ٠.٩ | - |
السيناريو ب ١ | ١.٨ | ١.١ – ٢.٩ | ٠.١٨ – ٠.٣٨ |
السناريو A1T | ٢.٤ | ١.٤ – ٣.٨ | ٠.٢٠ – ٠.٤٥ |
السيناريو ب ٢ | ٢.٤ | ١.٤ – ٣.٨ | ٠.٢٠ – ٠.٤٣ |
السيناريو أ ١ ب | ٢.٨ | ١.٧ – ٤.٤ | ٠.٢١ – ٠.٤٨ |
السيناريو أ ٢ | ٣.٤ | ٢.٠ – ٥.٤ | ٠.٢٣ – ٠.٥١ |
السيناريو A1FI | ٤ | ٢.٤ – ٦.٤ | ٠.٢٦ – ٠.٥٩ |
تفوق نطاقات الشكوك التي تمّ تقييمها النطاقات التي ترد في تقرير التقييم الثالث، لأنها تأخذ سلسلة أشمل من النماذج والتأثير التفاعلي لدورة الكربون في المناخ، في عين الاعتبار. ويميل الإحترار إلى تقليص امتصاص الأرض والمحيطات لثاني أكسيد الكربون الموجود في الغلاف الجوي، ما يزيد نسبة الإنبعاثات البشرية المنشأ التي تبقى في الجو. فبالنسبة إلى السيناريو أ ٢ مثلاً، تزيد التأثير التفاعلي في ثاني أكسيد الكربون من معدّل الإحترار العالمي المناسب لها بأكثر من درجة مئوية واحدة، بحلول العام ٢١٠٠. {٧.٣، ١٠.٥}
إن معدّل إرتفاع مستوى سطح البحر في العالم في نهاية القرن الحادي والعشرين (٢٠٩٠ – ٢٠٩٩)، نسبةً إلى الفترة الممتدة ما بين العامين ١٩٨٠ – ١٩٩٩، بحسب ٦ سيناريوهات دليلية من التقرير الخاص، يتراوح بين نسبتيّ ٥٠% و٩٥%، وهو نطاق يستند إلى إنتشار نتائج النماذج ويرد في الجدول السادس من الملخّص الفني. ويساهم المد الحراري بنسبة ٧٠ إلى ٧٥% في أفضل التقديرات لكل سيناريو. ويُعتبر إستخدام نماذج الدوران العام للغلاف الجوي - المحيطات بغية تقييم امتصاص حرارة المحيطات والمد الحراري خطوةً أمامية منذ صدور تقرير التقييم الثالث. وقد أدّى ذلك أيضاً إلى التقليل من الإسقاطات مقارنةً مع النموذج البسيط الذي استُخدم في تقرير التقييم الثالث. وبحسب جميع السيناريوهات الدليلية التابعة للتقرير الخاص، باستثناء السيناريو ب١، من المرجّح جداً أن يتخطى معدّل إرتفاع مستوى سطح البحر في القرن الحادي والعشرين المعدّل الخاص بالفترة المتراوحة بين العامين ١٩٦١ – ٢٠٠٣ (١.٨ ± ٠.٥ ميليمتراً سنوياً). وللحصول على معدّل نموذجي، يشير السيناريو إلى أن إرتفاع مستوى سطح البحر يساوي ٠.٠٢ متراً بحلول منتصف القرن، مقابل ٠.١٥ متراً بحلول نهاية القرن. ولا تتضمن هذه التراوحات أية شكوك لجهة التأثير التفاعلي لدورة الكربون أو عمليات الدفق الجليد، لأن المنشورات تفتقر إلى جزءٍ أساسي. {١٠.٦، ١٠.٧}
وبالنسبة إلى كل سيناريو، لا يتعدى معدّل التراوح المذكور هنا المعدّل النموذجي للفترة الممتدة ما بين العامين ٢٠٩٠ – ٢٠٩٩ المذكور في تقرير التقييم الثالث، والذي يساوي ١٠%. وتجدر الاشارة إلى أن إسقاطات تقرير التقييم الثالث تخص العام ٢١٠٠، فيما تتعلق الإسقاطات الواردة في هذا التقرير بالفترة الممتدة ما بين العامين ٢٠٩٠ و٢٠٩٩. ولا توحي إسقاطات تقرير التقييم الثالث بالثقة التي تعكسها هذه الإسقاطات، وذلك لأسباب عديدة: ليس للشكوك الخاصة بنماذج الجليد الأرضي علاقة بالشكوك الخاصة بإسقاطات درجات الحرارة والمد، وتشكل الملاحظات المطورة حول فقدان الأنهار الجليدية كتلاً من حجمها، قيداً أفضل، ويشكك التقرير الحالي في التراوح النسبي الذي يمتد بين ٥% و٩٥%، أي ±١.٦٥ بحسب معيار الانحرافات، فيما يعتقد تقرير التقييم الثالث أن نسبة الشك تصل إلى ±٢ بحسب معيار الإنحرافات. وكان تقرير التقييم الثالث ليملك النسب عينها التي يملكها هذا التقرير لجهة الإسقاطات الخاصة بمستوى سطح البحر لو عالج الشكوك بالطريقة نفسها. {١٠.٦- ١٠.٧}
وسيستمر تغيّر الغلاف الجليدي في التأثير على إرتفاع مستوى سطح البحر في القرن الحادي والعشرين. ومن المتوقع أن تخسر الأنهر جليدية والأغطية الجليدية والغلاف الجليدي في غرينلاند جزءاً من حجمها في القرن الحادي والعشرين، لأن نسبة الذوبان المتزايدة ستتعدى نسبة تساقط الثلوج المتزايدة. وتشير النماذج الحالية إلى أن الغلاف الجليدي في أنتاركتيكا سيحافظ على درجة عالية من البرودة تمنع إنتشار الذوبان، وقد يزداد حجماً في المستقبل، نظراً إلى تزايد نسبة تساقط الثلوج، ما يساهم في تخفيض مستوى سطح البحر. لكن، قد تزيد التغيّرات في الدينامية الجليدية من مشاركة غرينلاند وأنتاركتيكا معاً في إرتفاع مستوى سطح البحر خلال القرن الحادي والعشرين. وتشكل الملاحظات الحديثة حول مخارج الأنهر جليدية في غرينلاند دليلاً قوياً على التدفق المتزايد عند إزالة الرفوف الجليدية. وتشير الملاحظات الخاصة بالمنطقة الشرق أوسطية من غرينلاند، حول التقلبات الموسمية لمعدّل التدفق الجليدي والعلاقة مع تقلبية درجات الحرارة في الصيف، إلى أن المياه السطحية الذائبة قد تشكل جزءاً من نظام صرف شبه جليدي يجعل التدفق الجليدي زلقاً. ومن خلال هاتين الآليتين، قد يتسبب إزدياد الذوبان السطحي في القرن الحادي والعشرين بتسريع الدفق والتصريف الجليدي ويعزز نسبة المشاركة في رفع مستوى سطح البحر. ومؤخراً، شهدت بعض المناطق في غرب أنتاركتيكا تسريعاً ملحوظاً للدفق الثلجي، من المحتمل أن يكون قد نتج عن انتقاص حجم الغلاف الجليدي بسبب إحترار المحيطات. وعلى الرغم من أن الدراسة لم تحدد فعلياً وقوف الإنسان وراء تغيّر المناخ نتيجة غازات الدفيئة، إلا أنها تشير إلى إمكانية أن يكون الإحترار السبب في تسريع انتقاص الأنهر جليدية من حجمها وإرتفاع مستوى سطح البحر. ولا يمكن الإدلاء بإسقاطات كميّة وموثوقة حول هذا التأثير. وإذا كانت الإرتفاعات الملحوظة مؤخراً لجهة نسب تصريف الثلوج من الأغطية الجليدية في غرينلاند وأنتاركتيكا ستزداد خطياً مع تغيّر المعدّلات الحرارية في العالم، فإن ذلك سيؤدي إلى زيادة ٠.١ إلى ٠.٢ متراً على طبقة البحر السطحية. إن فهم هذه الآثار محدود لدرجة تمنع تقييم أرجحيتها أو إعطاء أفضل التقديرات. {٤.٦، ١٠.٦}
ويبقى جزء كبير من الأنماط العالمية والإقليمية لدرجات الحرارة والأمطار، المذكورة في إسقاطات تقرير التقييم الثالث، مصنفاً في خانة النماذج والنتائج الحديثة العهد (انظر الملخّص الفني، الرسم ٢٨). وبصورة عامة، بقيت هذه الأنماط على حالها في الوقت الذي تطورت فيه محاكاة النماذج كافة، ما عزز الثقة في متانتها (انظر الملخّص الفني، الإطار ٧)، وأكد أن هذه الأنماط تعكس القيود الفيزيائية الأساسية المفروضة على النظام المناخي حين يزداد إحتراراً. {٨.٣-٨.٥، ١٠.٣، ١١.٢-١١.٩}
إن تغيّر درجات الحرارة المتوقع للقرن الحادي والعشرين إيجابي في كافة أرجاء العالم. وهو يزداد فوق الأراضي، ولا سيما في مناطق خطوط العرض العليا من القطب الشمالي خلال فصل الشتاء، ويزداد أيضاً بدءاً من الشواطئ وتوجهاً نحو الداخل القاري. أما في المناطق الأخرى الشبيهة من الناحية الجغرافية فيتعدى إحترار المناطق القاحلة الإحترار الذي تشهده المناطق الرطبة. {١٠.٣، ١١.٢-١١.٩}
في المقابل، تتدنى نسبة الإحترار في المحيطات الجنوبية وأجزاء من شمال المحيط الأطلسي. ومن المتوقع أن تزداد درجات الحرارة في مناطق مختلفة، ومنها شمال الأطلسي وأوروبا، على الرغم من تباطؤ متوقع الدوران التقلبي الجنوبي في معظم النماذج، بسبب تأثير تزايد غازات الدفيئة الكبير. ويكشف النمط المتوقع للتغيّر درجات الحرارة النسبي المناطقي في الغلاف الجوي عن وصول الإحترار إلى حده الأقصى في الطبقة الإستوائية العليا من التروبوسفير، وعن تبريد في الستراتوسفير. ومن المتوقع أن تشهد المحيطات مزيداً من الإحترار النسبي المناطقي، بالقرب من السطح وفي المناطق الشمالية من خطوط العرض الوسطى، قبل وصول الإحترار تدريجياً إلى عمق المحيطات، وبروزه في مناطق خطوط العرض العليا حيث الاختلاط العمودي أكثر أهمية. إن نمط التغيّر المتوقع شبه مشترك بين الحالات التي جرت في نهاية القرن، بصرف النظر عن السيناريو. كما أن نطاقات المعدّلات المناطقية، متشابهة جداً في نظر السيناريوهات المدروسة (انظر الملخّص الفني، الرسم ٢٨). {١٠.٣}
ومن المرجّح جداً أن يتباطأ الدوران التقلبي الجنوبي في الأطلسي خلال القرن الحادي والعشرين. وسينخفض المعدّل المتعدد النماذج بنسبة ٢٥% بحلول العام ٢١٠٠ (التراوح يبدأ من الصفر وينتهي عند ٥٠% تقريباً) بالنسبة إلى سيناريو الإنبعاث أ ١ ب المضمّن في التقرير الخاص. ومن المتوقع أن تزداد درجات الحرارة في منطقة الأطلسي على الرغم من أن مثل هذه التغيّرات تعود إلى الإحترار الحاصل على نطاق أوسع، بالاضافة إلى الإزدياد المتوقع في غازات الدفيئة. ويُعزى الإنخفاض المتوقع للدوران التقلبي الجنوبي في الأطلسي إلى كافة آثار إرتفاع الأمطار ودرجات الحرارة في مناطق خطوط العرض العليا، ما يقلّص كثافة المياه السطحية في شمالي الأطلسي. وقد يؤدي ذلك إلى إنخفاضٍ خطيرٍ في تكوّن مياه بحر لابرادور. وتضمن عدد لا يُذكر من دراسات نموذج الدوران العام للغلاف الجوي - المحيطات أثر الماء العذبة الناتجة عن ذوبان الغلاف الجليدي في غرينلاند. لكن الدراسات التي تحدثت عن هذا الأثر لا تذكر أنه سيؤدي إلى توقف كلي للدوران التقلبي الجنوبي. ومن المرجّح جداً أن ينخفض الدوران التقلبي الجنوبي، ومن المستبعد جداً أن يمر الدوران التقلبي الجنوبي بفترة إنتقالية طويلة ومفاجئة خلال القرن الحادي والعشرين. ولا يمكن تقييم التغيّرات الطويلة الأمد التي طرأت على الدوران التقلبي الجنوبي مثلما ينبغي. {٨.٧، ١٠.٣}
تشير النماذج إلى أن إرتفاع مستوى سطح البحر في القرن الحادي والعشرين لن يكون موحداً من الناحية الجغرافية. وبحسب السيناريو أ ١ ب للفترة الممتدة ما بين العامين ٢٠٧٠ و٢٠٩٩، تشير نماذج الدوران العام للغلاف الجوي - المحيطات إلى أن معدّل معيار الإنحراف المكاني وصل إلى ٠.٠٨ متراً، أي حوإلى ٢٥% من التقديرات المركزية لمعدّل إرتفاع مستوى سطح البحر في العالم. وفي معظم الأحيان، تنتج الأنماط الجغرافية لتغيّر مستوى سطح البحر في المستقبل عن تغيّرات في توزيع الحرارة والملوحة في المحيط وما يتبعه من تغيّرات في الدوران المحيطي. وتكشف الأنماط المتوقعة تشابهاً أكبر بين النماذج يفوق التشابه الذي يحلّله تقرير التقييم الثالث. إن الأنماط المشتركة أدنى من معدّل إرتفاع مستوى سطح البحر في المحيط الجنوبي، وأعلى من معدّل إرتفاع مستوى سطح البحر في القطب الشمالي وفي جزءٍ محددٍ من المحيط، يشهد إرتفاعاً ملحوظاً لمستوى سطح البحر، ويمتد من جنوب الأطلسي إلى المحيط الهندي. {١٠.٦}
وتُعدّد التوقعات التغيّرات في الظواهر المتطرفة، مثل وتيرة موجات الحر، بدقة أكبر من تقرير التقييم الثالث، وذلك بفضل تطوّر النماذج وتحسّن تقييم إنتشار النموذج إستناداً إلى مجموعات متعددة النماذج. وخلص تقرير التقييم الثالث إلى الإشارة إلى خطر تزايد الظواهر المتطرفة لجهة درجات الحرارة، مع حدوث مزيدٍ من حلقات الحر المتطرف في المناخ المستقبلي. وقد أكدت دراسات حديثة هذه النتائج وساهمت في إنتشارها. ومن المتوقع أن يتبع إرتفاع الظواهر الحرارية المتطرفة في المستقبل إرتفاع درجات الحرارة النسبية في معظم أرجاء العالم باستثناء الأماكن التي تتغيّر فيها الخصائص السطحية (كالغطاء الثلجي أو رطوبة التربة). ودرس تحليل متعدد النماذج يستند إلى محاكاة ١٤ نموذجاً لثلاثة سيناريوهات، تغيّر درجات الحرارة خلال المواسم المتطرفة (من كانون الأول / ديسمبر إلى شباط / فبراير، ومن حزيران / يونيو إلى آب/ أغسطس)، حيث يمكن تحديد كلمة «متطرّف» كظاهرة تتعدى نسبة ٩٥ المئوية من توزيع درجات الحرارة الذي خضع للمحاكاة في القرن العشرين. ومع انتهاء القرن الحادي والعشرين، يتعدى إحتمال مواسم الحر المتطرفة نسبة ٩٠% في العديد من المناطق الإستوائية، مقابل ٤٠% في المناطق الأخرى. وأثارت دراسات حديثة إمكانية حدوث تغيّرات مستقبلية في موجات الحر، ورأت أنه من المتوقع أن تزداد هذه الموجات كثافةً وطولاً وتكرراً في المناخات المستقبلية. واستناداً إلى مجموعة متعددة النماذج تتألف من ٨ أعضاء، خضعت موجات الحر للمحاكاة وإزدادت خلال النصف الثاني من القرن العشرين، ومن المتوقع أن تستمر في الإزدياد على صعيد العالم ومعظم المناطق. {٨،٥، ١٠،٣}
لمناخ مستقبلي أكثر إحتراراً، تتوقع النماذج إنخفاضاً يتراوح بين ٥٠ و١٠٠% لجهة وتيرة إنتشار الهواء البارد حالياً خلال مواسم الشتاء في معظم مناطق القطب الشمالي. وتظهر نتائج مجموعة متعددة النماذج تتألف من ٩ أعضاء تراجعاً خضع للمحاكاة في أيام درجة التبريد، بدأ في القرن العشرين واستمر في القرن الحادي والعشرين على مستوى العالم ومعظم المناطق. وترتبط إطالة المواسم المتزايدة بأيام درجة التبريد، ومن المتوقع أن تتكاثر في المناخات المستقبلية. {١٠.٣ - الأسئلة ١٠.١}
يتوقع أن يتدنى الغطاء الثلجي وأن تشهد مناطق التربة الصقيعية ذوباناً متزايداً للثلوج غير السطحية، الموجودة في الأعماق. {٣،١٠}
وبحسب سيناريوهات مختلفة من التقرير الخاص (أ ١ ب وأ ٢ وب ١)، لن تحظى أجزاء كبيرة من المحيط المتجمد الشمالي بغطاء ثلجي على مدار السنة بدءاً من نهاية القرن الحادي والعشرين. فحساسية جليد المحيط المتجمد الشمالي للإحترار عالية جداً. وفيما تتسم التغيّرات المتوقعة على مستوى إمتداد الجليد البحري في فصل الشتاء بالإعتدال، يحتمل أن يختفي الجليد البحري الذي يتكون في أواخر الصيف بشكل شبه كلي مع الإقتراب من نهاية القرن الحادي والعشرين، وذلك بموجب بعض النماذج الواردة في السيناريو أ ٢. ويساهم عدد من حالات التأثير التفاعلي الإيجابية في النظام المناخي في تسريع هذا التراجع. وتسمح التأثير التفاعلي للثلوج - ألبيدو للمياه المفتوحة بإستقبال المزيد من حرارة الشمس خلال فصل الصيف، كما يخف أثر الجليد البحري العازل وتعزز زيادة نقل حرارة المحيط نحو المحيط المتجمد الشمالي، في التقليل من حجم الغطاء الثلجي. وتشير محاكاة النماذج إلى أن الغطاء الجليدي البحري الذي يتكون في أواخر الصيف يفقد نسبة هامة من حجمه، وغالباً ما يتطور بالتزامن مع الإحترار العالمي. كما يتوقع أن يتراجع مد الجليد البحري في أنتاركتيكا خلال القرن الحادي والعشرين. {٨.٦، ١٠.٣ – الإطار ١٠.١ }
ويحتمل أن يزداد ضغط مستوى سطح البحر فوق المناطق شبه الإستوائية ومناطق خطوط العرض الوسطى، وأن ينخفض في مناطق خطوط العرض العليا، بالتزامن مع إنتشار دوران هادلي وتغيّر النمط الحلقية (النمط الحلقي الشمالي / التذبذب الأطلنطي الشمالي والنمط الحلقي الجنوبي، راجع الملخّص الفني، الإطار ٢). وتتنبأ نماذج عدة بحدوث ميل إيجابي لجهة الأنماط الحلقية الشمالية / التذبذب الأطلسي الشمالي ومؤشر الأنماط الحلقية الجنوبية. وغالباً ما يكون حجم الإزدياد المتوقع أكبر بالنسبة إلى الأنماط الحلقية الجنوبية. ويستعمل المؤشر في العديد من النماذج. وبنتيجة لتلك التغيّرات، من المتوقع أن تتجه العواصف نحو الأقطاب، ملحقةً تغيّراً في أنماط الهواء والأمطار ودرجات الحرارة خارج المناطق الإستوائية، ومكملةً النمط الواسع للميول الملحوظة في النصف الثاني من القرن الماضي. وتشير بعض الدراسات إلى هبوب عدد أقل من العواصف في مناطق خطوط العرض الوسطى، كما تظهر بعض المؤشرات بوادر تغيّرات في إرتفاع حاد للأمواج، ترافقها تغيّرات في وجهة العواصف ودورانها. {٣.٦، ١٠.٣}
في معظم النماذج، تزداد درجات حرارة سطح البحر في الجزء الأوسط والشرقي من الناحية الإستوائية للهادئ أكثر مما تزداد في الجزء الغربي الإستوائي منه، ويترافق هذا الإرتفاع مع ميل شرقي نسبي للأمطار. ومن المتوقع أن تستمر تقلبية النينيو السنوية البنية على مستوى كافة النماذج، على الرغم من أن التغيّرات تختلف من نموذج إلى أخر. وتسبق إختلافات نموذجية بينية كبرى لجهة التغيّرات المتوقعة بخصوص حجم النينيو، بالإضافة إلى تقلبية النينيو المئوية من الناحية الزمنية، أي تقدير نهائي بشأن ميول تقلبية النينيو. {١٠.٣}
الإطار ١٠: الإنخفاض النطاقي الإقليمي
تطورت محاكاة المناخات الإقليمية في نماذج الدوران العام للغلاف الجوي - المحيطات، وبالتالي تحسّنت النماذج المناخية الإقليمية المتمركزة وتقنيات الإنخفاض النطاقي التجريبي. وتشير منهجيات الإنخفاض النطاقي التجريبي والدينامي معاً إلى مهارة مطورة في محاكاة النماط المحلية داخل المناخات الحالية عندما يُستخدم وضع الغلاف الجوي المدروس على نطاقات حلتها نماذج الدوران العام للغلاف الجوي - المحيطات، على شكل مدخلات. إن توفّر الإنخفاض النطاقي وغيره من الدراسات الإقليمية يبقى غير عادلٍ من الناحية الجغرافية، ما يتسبب بتفاوت التقييمات التي يمكن تقديمها، ولاسيما لجهة ظواهر الطقس المتطرفة. وتبرهن دراسات الإنخفاض النطاقي أن تغيّرات الأمطار المحلية قد تختلف كثيراً عن تلك المتوقعة من نمط الإستجابة الهيدرولوجي الواسع النطاق، خاصةً في مناطق الطوبوغرافيا المعقدة. {١١.١٠}
وهنا، يبقى عددٌ من مصادر الشك الهامة التي تحدّ من القدرة على التنبؤ بالتغيّر المناخي الإقليمي. وفيما تأتي الإجابات الهيدرولوجية متينةً نسبياً في بعض المناطق شبه الإستوائية وشبه القارية، لا يزال الشك قائماً حول الموقع الفعلي لهذه الحدود بين الأمطار المتزايدة والمتراجعة. وهناك بعض العمليات المناخية الهامة التي تؤثر حقاً على المناخ الإقليمي على الرغم من أنها تلقى إجابات ضعيفة من قبل إستجابة تغيّر المناخ. ومن بين هذه العمليات، التذبذب الجنوبي والتذبذب الطلسي الشمالي والتكتل والدوران المدفوع بالتباين الحراري والملحي في المحيط وتغيّر توزيع الأعاصير الإستوائية. بالنسبة إلى المناطق التي تتمتع بسيطرة طوبوغرافية قوية على أنماطها المناخية، غالباً ما تكون المعلومات حول المناخ غير كافية لجهة الحل المكاني الدقيق للطوبوغرافيا. ولم تحظَ بعض المناطق إلا بأبحاث محدودة للغاية حول ظواهر الطقس المتطرفة. بالإضافة إلى ذلك، تصبح إشارة التغيّر المناخي المتوقع قابلة للمقارنة مع تقلبية داخلية أوسع على نطاقات زمنية ومكانية أصغر، ما يصعّب إستعمال الميول الحديثة لتقييم أداء النموذج. {الإطار ١١.١، ١١.٢-١١.٩}
إن الدراسات الحديثة التي أجريت بواسطة نماذج عالمية متطورة، والتي تتراوح بين ١٠٠ و٢٠ كيلومتراً، تتنبأ بتغيّر مستقبلي في عدد الأعاصير وقوتها (إعصار حلزوني وإعصار مصحوب بالأمطار وتيفون).
وتشير خلاصة نتائج النماذج التي تم التوصل إليها حتى الساعة في ما يتعلق بمناخ مستقبلي أكثر إحتراراً، إلى إزدياد قوة الرياح القصوى وقوة الأمطار القصوى والنسبية في إطار الأعاصير الإستوائية المستقبلية، بالإضافة إلى إمكانية تراجع عدد الأعاصير الضعيفة نسبياً وإرتفاع عدد الأعاصير القوية. لكن، يتوقع أن ينخفض العدد الإجمالي للأعاصير الحلزونية الإستوائية على صعيد العالم. ولا تزال نسبة الأعاصير المصحوبة بالأمطار القوية للغاية تزداد منذ العام ١٩٧٠ في بعض المناطق، لكن بوتيرة تفوق توقعات النماذج النظرية. {١٠.٣، ٨.٥، ٣.٨ }
منذ تقرير التقييم الثالث، هناك تفهم ملحوظ لأنماط الأمطار المتوقعة. فمن المرجّح جداً أن تزداد كمية الأمطار في المنطقة القطبية العرض المرتفعة، بينما من المرجّح أن تنخفض في معظم المناطق القارية شبه الإستوائية (بنسبة ٢٠% تقريباً للعام ٢١٠٠، بحسب السيناريو أ ١ ب). وهي تتجه نحو الأقطاب بمعدّل ٥٠ درجة، ويحتمل أن تزداد الأمطار النسبية بسبب تكاثر بخار الماء في الغلاف الجوي وما يتبعه من إزدياد نقل البخار من خطوط العرض الإستوائية. أما في اتجاه خط الإستواء فتمر نسبة الأمطار المتراجعة في غالبيتها بمرحلة إنتقالية في المناطق شبه الإستوائية (٢٠-٤٠ درجة على خط العرض). ونظراً إلى إرتفاع نسبة نقل بخار الماء خارج المناطق شبه الإستوائية، وإنتشار الأنظمة التي تقع في مناطق الضغط المرتفع شبه الإستوائية، تكشف أطراف المناطق شبه الإستوائية التي تقع على خطوط العرض العليا، عن ميل واضح نحو الجفاف (انظر الملخّص الفني، الرسم ٣٠). {٨.٣، ١١.٩}
تشير النماذج إلى أن التغيّرات في كمية الأمطار النسبية، على الرغم من غزارتها، ستتعدى التقلبية الطبيعية ببطء أكبر من إشارة درجات الحرارة. {١٠.٣،١١.٢}
تنبئ الأبحاث المتوفرة بميلٍ لإرتفاع ظواهر تساقط الأمطار اليومية الغزيرة في بعض المناطق، بما فيها تلك التي يتوقع أن تشهد تراجعاً لتساقط الأمطار النسبية. وفي الحالة الأخيرة، غالباً ما يعزى تراجع تساقط الأمطار إلى إنخفاض عدد الأيام الماطرة بدلاً من تراجع قوة الأمطار. { ١١.٢، ١١.٩ }