آسيا
تظهر الوقائع المنظورة أن تغيّر المناخ أثّر على عدة قطاعات في آسيا خلال العقود الأخيرة (ثقة متوسطة).
ظهرت أدلة على تأثيرات تغيّر المناخ وتقلبيّته والظواهر المناخية المتطرفة في آسيا، مثلما توقّع تقرير التقييم الثالث. كما رصدت الوقائع المنظورة تراجع المحاصيل الزراعية في معظم بلدان آسيا، ويعزى ذلك على الأرجح، جزئياً، إلى ارتفاع درجات الحرارة. ويعتبر كل من تراجع الأنهار الجليدية وسيلان التربة الصقيعية في آسيا الشمالية خلال الأعوام الماضية، والذي لا سابق له، نتيجة محتملة للإحترار. كما إزدادت وتيرة حدوث الأمراض المتأثرة بالمناخ والإجهاد الحراري في آسيا الوسطى وشرق آسيا وجنوب آسيا وجنوب شرق آسيا مع إرتفاع في درجات الحرارة وتقلبيّة التهطال. أصبحت التغيّرات الملحوظة في النظم الإيكولوجية البريّة والبحريّة أكثر وضوحاً [١٠.٢.٣].
من المتوقع أن يؤثّر تغيّر المناخ في المستقبل على الزراعة من خلال تراجع الإنتاج وتراجع الأراضي الصالحة للزراعة والتغذية المتوفرة للأسماك (ثقة متوسطة).
سيؤدي إحترار سطح الأرض المتوقّع والتغيّرات في التهطال في معظم بلدان آسيا إلى تراجع هام في إنتاجية المحاصيل الزراعية نتيجة الإجهاد الحراري وإزدياد شدة الجفاف والفيضانات [١٠.٤.١]. سيكون تراجع الإنتاجية الزراعية أكثر وضوحاً في المناطق التي تعاني أصلاً من إزدياد في ندرة الأراضي الصالحة للزراعة، وستؤدي إلى إزدياد مخاطر المجاعة في آسيا، خاصة في البلدان النامية [١٠.٤.١]. كما يهدد تغيّر المناخ مزارعي الكفاف. ويمكن أن تكون المحاصيل الحديّة مثل الذرة والدخان هي الأكثر تعرضاً للتراجع في الإنتاجية ولخسارة التنوع الجيني في المحاصيل على حد سواء.[١٠.٤.١] ومن المتوقع أن تطرأ تغيّرات على موائل توالد الأسماك والغذاء المتوفر لها وأخيراً على وفرتها، إستجابةً لتغيّر المناخ. [١٠.٤.١]
كما يمكن أن يؤدي تغيّر المناخ إلى تفاقم إجهاد الموارد المائية في معظم مناطق آسيا (ثقة عالية).
إن التهديد الأخطر المحتمل في تغيّر المناخ في آسيا هو ندرة المياه. من المتوقع أن تتراجع وفرة المياه العذبة في آسيا الوسطى وجنوب آسيا وشرق آسيا وجنوب شرق آسيا، خاصة في أحواض الأنهار الواسعة، بسبب تغيّر المناخ الذي قد يؤثر سلباً على أكثر من مليار شخص بحلول العام ٢٠٥٠ إذا ما رافقه إزدياد في عدد السكان وإزدياد الطلب بسبب تحسّن مستوى المعيشة .[١٠.٤.٢] يمكن أن تؤثر التغيّرات في موسمية السيلان بسبب ذوبان الأنهار الجليدية السريع، وفي بعض المناطق بسبب إزدياد التهطال في الشتاء إلى حد بعيد، على توليد الطاقة الكهرمائية وإنتاج المحاصيل والماشية [١٠.٤.٢].
من المتوقع أن يؤدي إرتفاع درجات الحرارة إلى تراجع أسرع في الأنهار الجليدية في الهيمالايا وإستمرار سيلان التربة الصقيعية في شمال آسيا (ثقة متوسطة).
إذا استمرت معدلات الإحترار الحالية، قد تتآكل الأنهار الجليدية في الهيمالايا بوتيرة سريعة جداً (أنظر الرسم ١١). وسيؤدي ذوبان الأنهار الجليدية المتسارع إلى إزدياد التدفّق في بعض نظم الأنهار خلال العقدين إلى ثلاثة عقود مقبلة، ما سيؤدي إلى فيضانات متزايدة، وإنهيارات صخرية في المنحدرات المتزعزعة، وإختلال الموارد المائية. سيتبع ذلك تراجع في التدفّقات مع تقلّص حجم الأنهار الجليدية [١٠.٦.٢]. يمكن أن يؤدي تآكل التربة الصقيعية إلى إنخساف الأرض، وتغيير خصائص الصرف وإستقرار البنى التحتية ويمكن أن تؤدي إلى إزدياد إنبعاثات الميثان [١٠.٤.٤].
من المتوقع أن تتأثر النظم الإيكولوجية البحرية والساحلية في آسيا بإرتفاع مستوى البحر وإزدياد درجات الحرارة (ثقة عالية).
قد يؤدي إرتفاع مستوى البحر المتوقع إلى وقوع عدة ملايين إضافية من الأشخاص في كل سنة ضحايا فيضانات [١٠.٤.٣.١]. وقد يؤدي تسرب مياه البحر إلى إزدياد موئل مصائد أسماك الماء الأجاج، لكنه يضرّ إلى حد بعيد بتربية المائيات [١٠.٤.١]. بشكل عام، من المتوقع أن يؤدي مستوى البحر إلى تفاقم إنتاجية الأسماك المتراجعة أصلاُ في آسيا [١٠.٤.١]. كما من المتوقع أن تتأثر المصائد البحرية الشمالية إلى حد بعيد بتغيّر المناخ، فيما تستفيد بعض الأنواع، على غرار سمك القد والرنكة، على الأقل من الإرتفاع الطفيف في درجات الحرارة وتتراجع إنتاجية أنواع أخرى مثل القريدس الشمالي [١٠.٤.١].
من المتوقع أن يؤدي تغيّر المناخ إلى تفاقم المخاطر التي تهدد التنوع الأحيائي الناتجة عن تغير إستخدام الأراضي وتغيّر غطاء الأرض والإجهاد السكاني في معظم أجزاء آسيا (ثقة عالية).
من المرجّح أن يزداد خطر إنقراض عدة أنواع من الحيوانات والنباتات البرية في آسيا نتيجةً الآثار التآزرية لتغيّر المناخ وتجزئة الموئل[١٠.٤.٤] . كما ستزداد المخاطر التي تحدّق بالإستقرار الإيكولوجي في الأراضي الرطبة والمانجروف والشُعب المرجانية في آسيا١٠.٦.١] ، [١٠.٤.٣. من المتوقع أن تزداد وتيرة حرائق الغابات وإتساعها في آسيا الشمالية في المستقبل بسبب تغيّر المناخ والظواهر المناخية المتطرفة التي من المرجح أن تحدّ من إتساع الغابات [١٠.٤.٤].
من المرجّح أن يستمر في المستقبل تأثير التغيّر المناخي السلبي على الصحة البشرية في آسيا (ثقة عالية).
من المتوقع أن تزداد معدّلات الوفيات والإعتلال المزمن بسبب أمراض الإسهال المرتبطة بشكل أساسي بالفيضانات والجفاف، في شرق آسيا وجنوب آسيا وجنوب شرق آسيا، بسبب التغيّرات المتوقعة في الدورة الهيدرولوجية المرتبطة بالإحترار العالمي [١٠.٤.٥]. سيؤدي إرتفاع درجات حرارة المياه الساحلية إلى تفاقم إنتشار و/أو سميّة الكوليرا في جنوب آسيا [١٠.٤.٥]. كما تفيد التقارير بتوسع الموائل الطبيعية للأمراض التي تحملها الناقلات والمياه [١٠.٤.٥].
ستزداد الإجهادات العديدة قوةً في آسيا في المستقبل بسبب تغيّر المناخ (ثقة عالية).
أدّى إستغلال الموارد الطبيعية المرتبط بالتمدّن السريع والتصنيع والتنمية الإقتصادية في البلدان النامية في آسيا إلى إزدياد تلوّث الهواء والمياه، وتدهور الأراضي، والمشاكل البيئية الأخيرة التي شكّلت ضغطاً هائلاً على البنى التحتية المدنية والرفاهية البشرية والنزاهة الثقافية والأوضاع الإجتماعية الإقتصادية. من المرجّح أن يؤدي تغيّر المناخ إلى زيادة الضغوط البيئية قوةً، ما سيعيق التنمية المستدامة في عدة بلدان نامية في آسيا، خاصةً في الجنوب والشرق. [١٠.٥.٦]