IPCC Fourth Assessment Report: Climate Change 2007
تقرير الفريق العامل الثالث - التخفيف

وصف وتقييم تكنولوجيات التخفيف وممارساته وخياراته وإمكانياته وتكاليفه

يتميّز قطاع النقل عن القطاعات الأخرى المستخدمة للطاقة بإعتماده الطاغي على مورد أحفوري واحد وبعدم إمكانية إلتقاط إنبعاثات الكربون من مركبات النقل بأية من التكنولوجيات الجديدة الموجودة. ومن الأهمية النظر في تخفيض إنبعاثات غازات الدفيئة بالإرتباط مع مشاكل تلوّث الهواء والإزدحام وأمن الطاقة (إستيراد النفط). أما الحلول فعليها بالتالي أن تجرّب حلّ مشاكل النقل بشكل عام، بأفضل طريقة ممكنة، وليس فقط إنبعاثات غازات الدفيئة [٥.٥.٤].

وحصلت تطوّرات كبيرة في تكنولوجيات التخفيف منذ تقرير التقييم الثالث، وشهد العالم إنتشار برامج البحوث والتطوير والعرض حول مركبات عاملة على بطاريات الهيدوجين، بالإضافة إلى وجود فرص عديدة لتحسين التكنولوجيا التقليدية. وما زال الوقود الأحفوري هاماً في بعض الأسواق ويتمتع بإمكانيات مستقبلية أكبر بكثير. كما تمّ تطوير أنظمة لتكييف الهواء مبنية على مبرّدات ذات إمكانية إحترار عالمي متدنية [٥.٣].

إزدحام الطرقات: تكنولوجيات فاعلة ووقود بديل

منذ تقرير التقييم الثالث، تحسّنت مركبات السير من حيث كفاءة الطاقة بفضل نجاح ديزيل أنظف يعتمد على ضاغط عنقي موجّه الحقن (TDI) وبفضل الخرق المستمر للعديد من التكنولوجيات ذات الكفاءة للسوق. كما أدّت المركبات المركّبة دوراً هاماً بدورها، رغم خرقها المحدود للسوق. ومن المتوقّع أن تشهد التكنولوجيا مزيداً من التقدّم على مستوى المركبات المركّبة ومحرّكات الديزيل العاملة على الضاغط العنقي الموجّه الحقن. وبإمكان التكنولوجيا المذكورة أعلاه، مع تكنولوجيات أخرى منها إستبدال المواد والحد من المقاومة الحركية الهوائية والمقاومة المحرِّكة المخفّضة والحد من إحتكاك المحرّكات وخسائر الضخ، أن تضعّف إقتصاد الوقود للمركبات «الجديدة» للإستخدامات الخفيفة بحلول العام ٢٠٣٠، وسيقلّص إنبعاثات الكربون بحوالى النصف تقريباً لكل ميل تقطعه المركبة (يرجو الإنتباه إلى أن ذلك لا ينطبق إلا على السيارات الجديدة وليس على مجمل المركبات) (توافق متوسّط، أدلة متوسّطة) [٥.٣.١].

يملك الوقود الأحيائي القدرة على الحلول محل جزءٍ هام من النفط المستخدم للنقل، لكن ليس كله. ويشير تقرير حديث للوكالة الدولية للطاقة إلى إمكانية إزدياد حجم الوقود الأحيائي بحوالي ١٠% بحلول العام ٢٠٣٠ بكلفة ٢٥ دولاراً أميركياً لكل طن من ثاني أكسيد الكربون المكافئ، ما يضمّ مساهمةً صغيرة من الوقود الأحيائي من الكتلة الأحيائية السليولوزية. لكن، ترتبط الإمكانية بشكل كبير بكفاءة الإنتاج وبتنمية تقنيات متطوّرة، مثل تحويل السليولوز بواسطة عمليات أنزيمية أو التغويز أو التركيب، والتكاليف والمنافسة مع إستخدامات أخرى للأرض. واليوم، يعتبر الإيثانول غير مفيد لا من حيث الكلفة ولا من حيث الأداء لجهة إنبعاثات ثاني أكسيد الكربون، إلا في ما يخص إنتاجه من قصب السكر في الدول المتدنية الدخل (الرسم ١٦ في الملخّص التنفيذي) (توافق متوسّط، أدلة متوسّطة) [٥.٣.١].

الرسم 16

الرسم ١٦ في الملخّص الفني: مقارنة بين تكاليف الإنتاج الحالي والمستقبلي للوقود الأحيائي مقابل أسعار البنزين والديزيل ما قبل التكرير (أسعار فوب) لنطاق من أسعار النفط الخام [الرسم ٥.٩].

ملاحظة: لا تضمّ الأسعار الضرائب

ما زالت إمكانية مركّبات الهيدروجين الإقتصادية والسوقية غير أكيدة، وتملك المركّبات الكهربائية العالية الكفاءة (أكثر من ٩٠%)، ولكن المتدنية نطاق القيادة، إمكانية محدودة لإختراق السوق. ويتمّ تحديد الإنبعاثات الناتجة عن كلا الخيارين من حيث إنتاج الهيدروجين والكهرباء. أما إذا جاء إنتاج الهيدروجين من الفحم أو الغاز مع إلتقاط الكربون وتخزينه (وهي الطريقة الأرخص حالياً) أو من الكتلة الأحيائية أو الطاقة الشمسية أو النووية أو طاقة الرياح، فمن الممكن شبه القضاء على إنبعاثات الكربون “well-to-wheel”. وستظهر الحاجة إلى مزيد من التقدّم التكنولوجي أو/و إنخفاض في التكاليف على مستوى خلايا الوقود وتخزين الهيدروجين وإنتاج الهيدروجين أو الكهرباء بإنبعاثات كربون متدنية أو منعدمة، والبطاريات (توافق عالٍ، أدلة متوسّطة) [٥.٣.١].

و في العام ٢٠٣٠، سيبلغ إجمالي قدرة التخفيف في خيارات كفاءة الطاقة المطبّقة على مركّبات الإستخدامات الخفيفة، حوالي ٠.٧-٠.٨ جيغا طن من ثاني أكسيد الكربون المكافئ بتكاليف أدنى من ١٠٠ دولار أميركي / طن ثاني أكسيد الكربون. ولكن البيانات غير كافية لتقدير مشابه لمركّبات الإستخدامات الثقيلة. وسيعطي إستخدام الوقود الأحيائي الحالي أو المتقدّم، كما جاء أعلاه، مزيداً من إمكانية الحد من الإنبعاثات لما يقارب ٦٠٠-١٥٠٠ طن متري إضافي من ثاني أكسيد الكربون المكافئ، في العام ٢٠٣٠، بتكاليف أدنى من ٢٥ دولاراً أميركياً / طن ثاني أكسيد الكربون (توافق متدنٍ، أدلة محدودة) [٥.٤.٢].

ويشكّل إستخدام التكنولوجيات الإقتصادية في مجال الوقود خطراً كبيراً بالنسبة إلى إمكانية الحدّ المستقبلي من إنبعاثات ثاني أكسيد الكربون، في حال تمّ إستخدامها لزيادة قوّة المركّبات وحجمها بدلاً من تحسين مجمل إقتصاد الوقود والحدّ من إنبعاثات الكربون. إذ إستهلكت السوق، في إعطائها الأفضلية للقوة والحجم كثيراً، إمكانية الحدّ من إنبعاثات غازات الدفيئة بواسطة التخفيف، المحققة خلال العقدين الماضيين. وفي حال إستمرّ التوجّه الحالي، ستتقلّص بشكل كبير إمكانية التخفيف من غازات الدفيئة التي تملكها التكنولوجيات المتقدّمة المعروضة أعلاه (توافق عالٍ، أدلة وافية) [٥.٢، ٥.٣].

الملاحة الجوية

يمكن تحسين كفاءة الوقود في الملاحة الجوية بواسطة عدة وسائل، بما في ذلك تكنولوجيا الملاحة الجوية وعملها وإدارتها. وقد تحسّن التطوّرات التكنولوجية كفاءة الوقود بنسبة ٢٠% بالقياس إلى مستويات العام ١٩٩٧، بحلول العام ٢٠١٥، وبنسبة ٤٠% - ٥٠% متوقّعة بحلول العام ٢٠٥٠. ومع إستمرار نمو الطيران المدني بنسبة ٥% تقريباً سنوياً، لن يتمكّن ذلك التحسّن على الأرجح من منع إرتفاع إنبعاثات الكربون الناتجة عن مجمل حركة السفر الجوي. لذا، فإن إدخال الوقود الأحيائي قادر على أن يخفف بعضاً من إنبعاثات الكربون الناتجة عن الملاحة الجوية، في حال تم تطويره لكي يستجيب إلى خصائص الطلب في صناعة الطيران، رغم عدم توفّر معلومات أكيدة حالياً عن تكاليف نوع شبيه من الوقود وعن الإنبعاثات الناتجة عن عملية الإنتاج (توافق متوسّط، أدلة متوسّطة) [٥.٣.٣].

ويمكن تعزيز عمل الطائرات إلى حدّه الأقصى في إستخدام الطاقة (مع حد أدنى من إنبعاثات ثاني أكسيد الكربون) من خلال إختصار مدّة الدروج إلى أقصى حدّ، والطيران على أعلى المرتفعات الممكنة للسفر، والطيران ضمن مسارات الدائرة العظمى الأقصر مسافة، والتخفيف من الدوران حول المطارات إلى حدّها الأقصى. وتقدّر إمكانية إستراتيجيات شبيهة في الحد من غازات الدفيئة بنسبة حوالي ٦% - ١٢%. ومؤخراً، بدأ الباحثون النظر في إمكانية تقليص إلى أقصى حدّ مجمل التأثير المناخي الناتج عن عمليات الطيران الجوي، بما في ذلك مناطق التأثيرات وذيول السحب وإنبعاثات أكاسيد النيتروجين. وتقدّر إمكانية التخفيف للعام ٢٠٣٠ بالنسبة إلى الطيران بحوالي ٢٨٠ طنّاً مترياً من ثاني أكسيد الكربون / سنة بتكاليف أقل من ١٠٠ دولار أميركي / طن من ثاني أكسيد الكربون (توافق متوسّط، أدلة متوسّطة) [٥.٤.٢].

النقل البحري

منذ تقرير التقييم الثالث، وجد تقييم المنظمة البحرية الدولية أنه بإمكان تركيبة من الوسائل الفنية أن تحدّ من إنبعاثات الكربون بحوالي ٢٠% - ٤٠% في السفن الأقدم، وبحوالي ٥% - ٣٠% في السفن الجديدة، من خلال تطبيق المعرفة المتوفّرة عن الحالة، مثل تصميم الهيكل والمروحة وصيانتهما. ولكن، نظراً إلى طول مدة حياة المحرّكات، سنحتاج إلى عقود قبل تطبيق تلك التدابير على السفن الموجودة على نطاق واسع. وتتراوح الإمكانية القصيرة الأمد للتدابير التشغيلية، بما في ذلك تخطيط المسالك والحد من السرعة بين ١% و٤٠%. وتشير الدراسة إلى أن الحد الأقصى لخفض الإنبعاثات الناتجة عن الملاحة العالمية هو ١٨% بحلول العام ٢٠١٠، و٢٨% بحلول العام ٢٠٢٠، بعد تطبيق كافة التدابير. ولا تسمح البيانات المتوفّرة بتقدير مطلق إمكانية التخفيف، ولا يتوقّع أن تكون الإمكانية كافية لموازنة نمو النشاط البحري خلال الفترة الزمنية ذاتها (توافق متوسّط، أدلة متوسّطة) [٥.٣.٤].

النقل بواسطة السكك الحديدية

تُحسّن الفرص الأساسية المرتبطة بتخفيف إنبعاثات غازات الدفيئة المرتبطة بالنقل بالسكك الحديدية، الحركة الهوائية، والحدّ من وزن القطارات، وإدخال فرامل إسترجاعية، وتخزين الطاقة على متن القطارات، وبالطبع، الحدّ من إنبعاثات غازات الدفيئة الناتجة عن توليد الكهرباء. وما من تقديرات متوفّرة حول مجمل إمكانية التخفيف وتكاليفه [٥.٣.٢].

نقلات في وسائل النقل والنقل العام

بإمكان تأمين أنظمة النقل العام وبنيتها التحتية، وتعزيز النقل غير الآلي، أن يساهما في التخفيف من غازات الدفيئة. إلا أن الظروف المحلية هي التي تحدد مدى إمكانية التحوّل في وسائل النقل نحو أنماط أقلّ إستخداماً للطاقة. كما تحدّد معدّلات التشغيل ومصادر الطاقة الأولية لأنماط النقل المختلفة، إمكانية التخفيف [٥.٣.١].

وتتأثر إحتياجات الطاقة في النقل الحضري، بشكل كبير، بكثافة هيكلية البيئة المبنية ونطاقها، فضلاً عن موقع بنية النقل التحتية وإتساعها وطبيعتها. ويزداد إستخدام الباصات العالية الإتساع والسكك الحديدية للإستخدامات الخفيفة، والمترو والسكك الحديدية في الضواحي لتوسيع النقل العام. وتبيّن أن أنظمة الباصات السريعة (Bus Rapid Transit) متدنية رأس المال والكلفة التشغيلية نسبياً، ولكن من غير المؤكد أنه يمكن تطبيقها في الدول النامية بالنجاح ذاته التي شهدته في أميركا الجنوبية. وفي حال إزدادت حصص الباصات في النقل العام بنسبة حوالي ٥% - ١٠%، ستنخفض إنبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة حوالي ٤% - ٩%، وبكلفة تتراوح ما بين ٦٠-٧٠ دولار أميركي / طن من ثاني أكسيد الكربون [٥.٣.١].

أكثر من ٣٠% من الرحلات بواسطة السيارات في أوروبا لا تتخطى ٣ كلم، و٥٠% منها لا تتخطى ٥ كلم. ورغم إمكانية إختلاف الأرقام في قارات أخرى، تظهر إمكانية تخفيف إثر الإنتقال من إستخدام السيارات إلى النقل غير الآلي (المشي وإستخدام الدراجات)، أو منع نمو النقل بالسيارات مقابل النقل غير الآلي. وتعتمد إمكانيات التخفيف بشكل كبير على الظروف المحلية، لكن هناك فوائد مشتركة على مستوى نوعية الهواء والإزدحام وأمن الطرقات (توافق عالٍ، أدلة وافية) [٥.٣.١].

إجمالي إمكانية التخفيف في قطاع النقل

لا يمكن تقدير إجمالي إمكانية التخفيف من ثاني أكسيد الكربون وكلفته إلا جزئياً بسبب نقص البيانات لمركبات الإستخدامات الثقيلة، والنقل بواسطة السكك الحديدية والسفن، وتعزيز الإنتقال إلى النقل العام. أما مجمل الإمكانية الإقتصادية الناتجة عن تحسين كفاءة مركبات الإستخدام الخفيف والطائرات وإستبدال الوقود الأحفوري التقليدي بوقود أحيائي مقابل سعر كربون يصل إلى ١٠٠ دولار أميركي / طن من ثاني أكسيد الكربون المكافئ، فيقدّر بحوالي ١٦٠٠ - ٢٥٥٠ طنّاً مترياً من ثاني أكسيد الكربون. إلاّ أنه تقدير يقلل من إمكانية التخفيف في قطاع النقل (توافق عالٍ، أدلة متوسّطة) [٥.٤.٢].