الملخّص الفنّي ٢. المعرفة الحالية حول التأثيرات الملحوظة على الأنظمة الطبيعية والمُدارة
تظهر براهين مبنية على الوقائع المنظورة في جميع القارات ومعظم المحيطات أن عدة أنظمة طبيعية تتأثر بالتغيّرات المناخية الإقليمية، خاصةً الإرتفاع في درجات الحرارة (ثقة عالية جداً). أظهر تقييم شامل للبيانات منذ العام ١٩٧٠ أنه من المرجّح أن يكون للإحترار البشري المنشأ أثر واضح على عدد من الأنظمة الفيزيائية والأحيائية.
وجد تقرير التقييم الثالث للفريق العامل الثاني التابع للهيئة الحكومية الدولية المعنيّة بتغيّر المناخ براهين على أن التغيّرات المناخية الإقليمية الحديثة، خاصةًً الإرتفاع في درجات الحرارة، قد أثّرت على الأنظمة الفيزيائية والأحيائية [١.١.١]. قام تقرير التقييم الرابع بتحليل الدراسات الصادرة منذ تقرير التقييم الثالث، التي ربطت التغيّرات في الأنظمة الفيزيائية والأحيائية والبشرية خاصةً ما بين العامين ١٩٧٠ و٢٠٠٥، بالمؤثرات المناخية، ووجد التقرير براهين كميّة أقوى [١.٣، ١.٤]. وركّز بشكل أساسي على الإرتفاع في درجات حرارة سطح الأرض العالمية والإقليمية [١.٢].
يصعب تقييم الأدلة المتوفّرة حول التغيّرات الملحوظة المرتبطة بالتغيّر المناخي لإرتباط الإستجابات الملحوظة في الأنظمة والقطاعات بعدّة عوامل أخرى. إذ يمكن للقوى الدافعة غير المناخية أن تؤثر على الأنظمة والقطاعات مباشرةً و/أو بشكل غير مباشر من خلال تأثيرها على المتغيّرات المناخية، كالإشعاع الشمسي والتبخر. [١.٢.١]
تعتبر العمليات الإقتصادية الإجتماعية، ومن بينها تغيّر إستخدام الأراضي (تراجع الزراعة لمصلحة المناطق المدنية، مثلاً)، والتغيّر في غطاء الأرض (تدهور النظم الإيكولوجية، مثلاً)، والتغيّر التكنولوجي، والتلوّث، والأنواع الدخيلة، من أهم المؤثرات غير المناخية. [١.٢.١]
تراكم المزيد من الأدلة خلال الأعوام الخمسة الماضية لتشير إلى أن التأثيرات الموصوفة أعلاه ترتبط بعامل الإحترار البشري المنشأ. وتدعم ثلاث مجموعات من البراهين الإستنتاج التالي (أنظر الإطار ٤):
١. صدرت عدة دراسات ربطت إستجابات بعض الأنظمة الفيزيائية والأحيائية بعنصر الإحترار البشري المنشأ من خلال مقارنة التوجّهات الملحوظة مع التوجّهات النموذجية التي تفرّق بوضوح بين التأثيرات الطبيعية والبشرية المنشأ. [١.٤]
الإطار ٤ من الملخّص الفني. ربط أسباب التغيّر المناخي بالتأثيرات الملحوظة
على الأنظمة الفيزيائية والأحيائية
١. إستخدام النماذج المناخية
٢. إستخدام التحليل المكاني
٢. تتماشى التغيّرات الملحوظة في عدة أنظمة فيزيائية وأحيائية مع الإحترار العالمي. وأخذت أغلبية التغيّرات (< ٨٩% من < ٢٩،٠٠٠ مجموعة البيانات التي توضَّح مواقعها في الرسم ١ في الملخّص الفني) في تلك النظم التوجّه المتوقع إستجابةً للإحترار. [١.٤]
٣. تظهر حصيلة الدراسات الشاملة في هذا التقييم بكل وضوح أنه من المستبعد أن يكون الإتفاق المكاني بين مناطق تشهد إحتراراً إقليمياً هاماً على مستوى الكوكب ومواقع التغيّرات الملحوظة الهامة في عدة نظم والمتماشية مع الإحترار، ناتجاً عن التغيّر الطبيعي في درجات الحرارة أو تغيّر النظم بشكل طبيعي فقط. [١.٤]
في الأنظمة الفيزيائية، (أ) يؤثر تغيّر المناخ على النظم الطبيعية والبشرية في مناطق الثلج والجليد والأرض المتجمّدة و(ب) تتوفر البراهين على التأثير في الهيدرولوجيا وموارد المياه والمناطق الساحلية والمحيطات.
تعتمد البراهين الأساسية في مناطق الثلج والجليد والأرض المتجمّدة على عدم إستقرار أساسي في مناطق التربة الصقيعية، وإنهيارات الصخور، والتراجع في أيام تجوال المركبات على الطرقات المجلّدة في القطب الشمالي، والإزدياد في البحيرات الجليدية وإتساعها، وعدم إستقرار الركام الذي يسدّ هذه البحيرات، مع إزدياد مخاطر الفيضانات، والتغيّرات في النظم الإيكولوجية في شبه الجزيرة القطبية الشمالية والجنوبية، ومن بينها الوحدات الأحيائية الجليدية البحرية والحيوانات المفترسة التي تؤثّر كثيراً على السلسلة الغذائية، والحدود المفروضة على ممارسة الرياضة الجبلية في مناطق الألب الأدنى إرتفاعاً (ثقة عالية). [١.٣.١] تتماشى هذه التغيّرات مع البراهين الوافية على أن جليد بحر القطب الشمالي، وجليد المياه العذبة، والرفوف الجليدية، وصفيحة غرينلاند الجليدية، والأنهار الجليدية في الألب وشبه جزيرة القطب الجنوبي، والقبّعات الجليدية، والغطاء الثلجي، والتربة الصقيعية، تخضع كلها لذوبان متزايد إستجابة للإحترار العالمي (ثقة عالية جداً). [التقييم الرابع للفريق العامل الأول-الفصل ٤]
تظهر البراهين الحديثة في الهيدرولوجيا وموارد المياه أنه يتمّ بلوغ ذروة الذوبان الربيعي أبكر في الأنهار التي تتأثر بذوبان الثلوج. وتتوفر البراهين التي تشير إلى ذوبان جليدي متزايد في جبال الأنديز المدارية وفي الألب. تخضع البحيرات والأنهار حول العالم للإحترار ما يؤثر على التركيبة الحرارية ونوعية المياه (ثقة عالية). [١.٣.٢]
يساهم الإرتفاع في مستوى البحر والتنمية البشرية معاً في خسارة الأراضي الرطبة الساحلية والأشجار الإستوائية وإزدياد الضرر من الفيضانات الساحلية في عدة مناطق (ثقة متوسطة). [١.٣.٣.٢]
وهناك المزيد من البراهين المستقاة من نطاق أوسع من الأنواع والمجتمعات في الأنظمة الإيكولوجية البرية، مقارنة مع ما جاء به تقرير التقييم الثالث، تشير إلى أن الإحترار الحالي بات يؤثر بشدّة على الأنظمة الأحيائية الطبيعية. وتتوفر براهين جديدة هامة تربط ما بين التغيّرات في الأنظمة البحرية ونظم المياه العذبة والإحترار. تقترح البراهين أن الأنظمة الإحيائية البحرية والأنظمة البرّية تتأثر اليوم بالإحترار الحديث الملحوظ.
تشير الغالبية الساحقة من الدراسات المعنيّة بالتأثيرات المناخية الإقليمية على الأنواع البريّة إلى وجود إستجابة واضحة لتوجّهات الإحترار، خاصة باتجاه القطبين، لجهة النقلات التصاعدية للحيوانات والنبات. تم توثيق إستجابات الأنواع البريّة للإحترار في النصف الشمالي من الأرض جيداً من خلال التغيّرات في توقيت مراحل النمو (أي التغيّرات الفينولوجية) خاصة في بداية ظواهر الربيع، والهجرة، وعلى طول موسم النمو. وإستناداً إلى رصد الأقمار الصناعية منذ بداية الثمانينيات، سادت توجهات في عدة مناطق نحو إخضرار النبات بشكل مبكر في الربيع، وإزدياد صافي الإنتاج الأولي المرتبط بمواسم زراعية أطول مدةً. لقد تم عزو التغيّرات في وفرة بعض الأنواع، ومن بينها البراهين المحدودة في بعض حالات الإختفاء المحلية والتغيّرات في تركيبة المجتمعات على مر العقود القليلة الماضية، إلى التغيّر المناخي (ثقة عالية جداً). [١.٣.٥]
إرتبطت عدة تغيّرات ملحوظة في الفينولوجيا وتوزيع الأنواع البحرية وأنواع المياه العذبة، بإرتفاع درجات حرارة المياه، بالإضافة إلى تغيّرات نتجت عن التأثر بالمناخ في الغطاء الجليدي والملوحة ومستويات الأكسيجين والدوران. كما ظهرت نقلات قطبية التوجّه على مستوى النطاقات والتغيّرات في وفرة الطحالب والعوالق والسمك في محيطات خطوط العرض العليا. إذ إنتقلت العوالق، على سبيل المثال، نحو القطبين بمقدار ١٠ درجات خط عرض (حوالي ١،٠٠٠ كلم) خلال فترة امتدت لأربعة عقود في شمال الأطلسي. كما تم توثيق الإرتفاع في وفرة الطحالب والعوالق في بحيرات خطوط العرض العليا والعالية الإرتفاع وتنقّل الأسماك المبكر وتغيّرات في النطاقات في الأنهار [١.٣]. وبينما تزداد البراهين على تأثيرات التغيّر المناخي على الشُعب المرجانية، يصعب التمييز بين تأثيرات الإجهادات المرتبطة بالمناخ والإجهادات الأخرى (الصيد الجائر والتلوّث، مثلاً). أدّى إمتصاص الكربون البشري المنشأ منذ العام ١٧٥٠ إلى ازدياد حموضة المحيط مع تراجع في الحموضة بلغ ٠.١ وحدة. [التقييم الرابع للفريق العامل الأول-ملخّص لواضعي السياسات] لكن تأثيرات حموضة المحيطات الملحوظة على الغلاف الأحيائي البحري لم يتم توثيقها حتى الآن. [١.٣] يؤثر إحترار البحيرات والأنهار على الوفرة، والإنتاجية، والتركيبة المجتمعية، والفينولوجيا، وتوزيع الأنواع في المياه العذبة وتنقّلها (ثقة عالية). [١.٣.٤]
يؤثر إزدياد درجات الحرارة الإقليمية على بعض الأنظمة المُدارة والبشرية، على الرغم من أنه يصعب تمييز ذلك التأثير عن التأثير الذي ينشأ في النظم الطبيعية بسبب التكيّف والمؤثرات غير المناخية.
لقد تم رصد التأثيرات في النظم الزراعية والحرجية [١.٣.٦]. إرتبطت تغيّرات أوجه عدة من نظام الصحّة البشرية بالإحترار الحديث [١.٣.٧]. وبدأ توثيق التكيّف مع الإحترار الحديث بشكل نظامي (ثقة متوسطة). [١.٣.٩]
بالمقارنة مع العوامل الأخرى، كان للإحترار الحديث تأثيرات محدودة على قطاع الزراعة والقطاع الحرجي. إلا أن تقدماً هاماً في الفينولوجيا لوحظ في الزراعة والأحراج في مناطق واسعة من نصف الكرة الشمالي، مع إستجابات مباشرة في إدارة المحاصيل، كالزرع المبكر خلال الربيع، وذلك على خطوط العرض العُليا الشمالية. ساهم إمتداد موسم النمو في إزدياد ملحوظ في إنتاجية الأحراج في عدة مناطق، فيما تكون الظروف الأكثر دفئاً وجفافاً مسؤولة جزئياً عن إنتاجية حرجية منخفضة وإزدياد في حرائق الغابات في أميركا الشمالية وحوض المتوسط. أظهرت الزراعة والأحراج، على حدّ سواء، حساسيتها السريعة تجاه التوجهات الحديثة في موجات الحرّ والجفاف والفيضانات (ثقة متوسطة). [١.٣.٦]
وبينما قلّت الدراسات حول التأثيرات الصحية الملحوظة والمرتبطة بالإحترار الحديث، إرتبط الإزدياد في تطرّف درجات الحرارة المرتفعة بمعدل وفيات مفرط في أوروبا، الأمر الذي سرّع تدابير التكيّف. وتظهر براهين على التغيّرات في توزيع بعض ناقلات الأمراض البشرية في مناطق من أوروبا وأفريقيا. وهناك ظواهر للبدء المبكّر بالإنتاج الموسمي وإزدياد الرحيق المسبّب للحساسية عند خطوط العرض المتوسطة والعُليا في النصف الشمالي من الكرة الأرضية (ثقة متوسطة). [١.٣.٧]
بدأ توثيق التغيّرات في الأنشطة الإجتماعية الإقتصادية ونظم الإستجابة البشرية، ومن بينها الإحترار بشكل نظامي. في مناطق الثلوج والجليد والأرض المتجمّدة، ترتبط إستجابات المجتمعات الأصلية بالتغيّرات في أنماط الهجرة، والصحّة، ونطاق تواجد الحيوانات والنبات، التي تعتمد عليها في المعيشة وهويتها الثقافية.[١.٣.٩] تختلف الإستجابات وفقاً للمجتمعات، ويفرضها التاريخ الشخصي والنظرات إلى نطاق التغيّر وقابلية حياة الخيارات المتاحة أمام المجتمعات (ثقة متوسطة). [١.٣.٩]
فيما تتوفر البراهين المهمة على التغيرات الملحوظة في الأنظمة الفيزيائية والإحيائية على كل قارة, من بينها أنتارتيكا, إضافة إلى معظم المحيطات, تأتي أغلبية الدراسات من خطوط العرض المتوسطة والعالية في النصف الشمالي من الكرة الأرضية. إن الوثائق حول التغيرات الملحوظة في المناطق المدارية ومنطقة النصف الجنوبي من الكرة الأرضية قليلة. [١.٥]