4- خيارات التكيف والتخفيف^[14]

توجد مجموعة واسعة من خيارات التكيف، ولكن التكيف الأوسع نطاقا من التكيف الحالي مطلوب للحد من التعرض لتغير المناخ. وهناك حواجز وحدود وتكاليف لاتزال غير مفهومة فهما كاملا. {2-4}

وللمجتمعات سجل حافل في إدارة آثار الأحداث التي تقع في أحوال الطقس والمناخ. ومع ذلك يظل مطلوبا اتخاذ تدابير إضافية في تدابير التكيف المطلوبة للحد من الآثار السلبية لتغير المناخ وتقلبية المناخ المتوقعين بحسب الإسقاطات، بغض النظر عن نطاق التخفيف الذي يُنَفذ في أثناء العقدين القادمين أو العقود الثلاثة القادمة. وقد يتفاقم التعرض لآثار تغير المناخ بفعل ضغوط أخرى. وهذه الضغوط تنشأ مثلا عن الأخطار المناخية الحالية، والفقر، وعدم المساواة في الحصول على الموارد، وانعدام الأمن الغذائي، واتجاهات العولمة الاقتصادية، والصراعات، وانتشار الأمراض مثل مرض الإيدز. {2-4}

وبعض التكيف مع تغير المناخ هو تكيف مخطط جار فعلا بقدر محدود. فالتكيف يمكن أن يقلل الضعف في وجه تغير المناخ، وبخاصة عندما يكون التكيف في صلب مبادرات قطاعية أوسع (الجدول 4- ملخص لصانعي السياسات). وهناك ثقة عالية في وجود خيارات عديدة للتكيف قابلة للتطبيق في بعض القطاعات بتكلفة منخفضة، و/أو بفائدة مرتفعة نسبة إلى الكلفة. وعلى الرغم من ذلك، فإن التقديرات العالمية لكلفة التكيف وفائدته محدودة للغاية. {4-2، الجدول 4-1}

ترتبط القدرة على التكيف ارتباطا وثيقا بالتنمية الاجتماعية والاقتصادية لكنها موزعة توزيعا متفاوتا في المجتمع الواحد وبين المجتمعات. {2-4}

وهناك مجموعة من الحواجز تحد من تنفيذ وفعالية إجراءات التكيف. فالقدرة على التكيف دينامية وتتأثر بالقاعدة الإنتاجية للمجتمع، بما في ذلك: أصول رأس المال الطبيعية والبشرية، والشبكات والاستحقاقات الاجتماعية، ورأس المال البشري والمؤسسات، والحكم، والدخل القومي، والصحة، والتكنولوجيا. وحتى المجتمعات التي لديها قدرة عالية على التكيف لاتزال عرضة لتأثير تغير المناخ وتقلبيته وأحواله المتطرفة. {2-4}

وتشير الدراسات المصممة من أسفل إلى أعلى والدراسات المصممة من أعلى إلى أسفل إلى توافق مرتفع وأدلة كثيرة على إمكانية اقتصادية ضخمة لتخفيف انبعاثات غازات الدفيئة على مستوى العالم في العقود القادمة بما يمكن أن يقابل الزيادة المتوقعة في إسقاطات هذه الغازات أو أن يقلل من الانبعاثات إلى ما دون المستويات الحالية (الشكلان 9 و10 – ملخص لصانعي السياسات)^[15]. وعلى الرغم من اتساق هذين النوعين من الدراسات على المستوى العالمي، توجد اختلافات كبيرة بينهما على المستوى القطاعي. {3-4}

مقارنة إمكانية التخفيف الاقتصادي العالمي والزيادة المتوقعة، بحسب الإسقاطات، فـي الانبعاثات بحلول العام 2030

الشكل 9 – ملخص لصانعي السياسات: إمكانية التخفيف الاقتصادي العالمي بحلول العام 2030 مقدرة تصاعديا حسب الدراسات المصممة من أسفل إلى أعلى (اللوحة أ) وتنازليا حسب الدراسات المصممة من أعلى إلى أسفل (اللوحة ب) مقارنة بالزيادات المتوقعة حسب الإسقاطات في الانبعاثات طبقا لسيناريوهات التقرير الخاص المتعلقة بانبعاثات غازات الدفيئة في عام 2000 البالغة 40.8 غيغا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون (اللوحة ج). ملاحظة: انبعاثات غازات الدفيئة في عام 2000 لا تشمل الانبعاثات من تحليل الكتلة الأحيائية الموجودة فوق الأرض والمتبقية بعد إزالة الغابات وقطع الأشجار والانبعاثات من حرائق الخث ومن تجفيف التربة الخثية، وذلك لضمان اتساقها مع نتائج انبعاثات سيناريوهات التقرير الخاص. {الشكل 1-4}

إمكانيات التخفيف الاقتصادي حسب القطاع فـي عام 2030 مقدرة وفق الدراسات المصممة من أسفل إلى أعلى

الشكل 10 – ملخص لصانعي السياسات: إمكانية التخفيف الاقتصادي المقدرة حسب القطاع للعام 2030 طبقا للدراسات المصممة من أسفل إلى أعلى، مقارنة بخطوط الأساس المفترضة في تقييمات القطاعات. ولا تتضمن هذه الإمكانيات الخيارات غير الفنية مثل تغيرات أسلوب المعيشة. {الشكل 2-4}

ملاحظات:

أ) الخطوط العمودية تشير إلى نطاقات الإمكانيات الاقتصادية العالمية مقدرة في كل قطاع. وتستند هذه النطاقات إلى توزيع الانبعاثات بحسب المستخدم النهائي لها، أي أن انبعاثات استخدام الكهرباء تحسب وفقا لقطاعات الاستخدام النهائي، وليس حسب قطاع توريد الطاقة.

ب) خضع تقدير حجم الإمكانيات لمدى توافر الدراسات وبخاصة تلك المستندة إلى مستويات مرتفعة لسعر الكربون.

ج) استخدم في كل قطاع خط أساس مختلف. فقد اعتمد قطاع الصناعة خط الأساس B2 من التقرير الخاص عن سيناريوهات الانبعاثات، واعتمد قطاعا إمدادات الطاقة والنقل خط الأساس الوارد في «آفاق الطاقة العالمية لعام 2004»؛ واستند قطاع البناء إلى خط أساس وسط بين اثنين من سيناريوهات الانبعاثات هما B2 وA1B؛ وفي قطاع المخلفات استخدمت القوى المحركة من خط الأساس A1B الوارد في التقرير الخاص عن سيناريوهات الانبعاثات لإنشاء خط أساسي معين للمخلفات؛ واستخدمت الزراعة والحراجة خطوط أساس تعتمد في معظم الأحيان القوى المحركة من خط الأساس B2.

د) لم تذكر إلا المجاميع العالمية للنقل لأن الطيران الدولي مدرج فيها.

هـ) الفئات المستبعدة هي: الانبعاثات خلاف ثاني أكسيد الكربون التي تقع في المباني والنقل، وجزء من خيارات كفاءة المواد، وإنتاج الحرارة وتوليد الكهرباء والحرارة المشترك في قطاع إمدادات الطاقة، والمركبات الثقيلة، والشحن ونقل المسافرين بكثافة، ومعظم الخيارات مرتفعة التكلفة في المباني، ومعالجة مياه الصرف وتقليل الانبعاثات الناجمة عن مناجم الفحم وخطوط أنابيب الغاز، وغازات الفلورين من قطاعي إمدادات الطاقة والنقل. ونسبة تدني التقديرات في إجمالي الإمكانية الاقتصادية لهذه الانبعاثات بين 10 و15%.

وليس بإمكان تكنولوجيا وحيدة أن تقدم كل إمكانيات التخفيف اللازمة في أي قطاع. ولا يمكن تحقيق إمكانية التخفيف الاقتصادي الذي يفوق بشكل عام إمكانية التخفيف السوقي إلا من خلال وضع سياسات كافية وإزالة الحواجز (الجدول 5- ملخص لصانعي السياسات). {3-4}

وأما الدراسات المصممة من أسفل إلى أعلى فتشير إلى أن فرص التخفيف بتكاليف سلبية صافية يحتمل أن تقلل من الانبعاثات بنحو 6 غيغا طن من الكربون سنويا في العام 2030 وهو ما يتطلب التغلب على الحواجز التي تعترض سبيل التنفيذ. {3-4}

ومن المتوقع أن تترتب على قرارات الاستثمار مستقبلا في البنية الأساسية للطاقة تكاليف تتجاوز مبلغ 20 تريليون دولار^[16] بين العامين 2005 و2030، مما سيترك آثارا بعيدة المدى على انبعاثات غازات الدفيئة نظرا لطول عمر محطات الطاقة وغيرها من موجودات مخزون رأس مال البنية الأساسية. وربما يستغرق الانتشار الواسع لتكنولوجيات الكربون المنخفض عقودا عديدة، حتى وإن كانت الاستثمارات الأولى في هذه التكنولوجيات جذابة. وتبين التقديرات الأولية أن تخفيض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المتعلقة بالطاقة العالمية إلى مستويات عام 2005 بحلول عام 2030 سيتطلب تحولا كبيرا في أنماط الاستثمار، على الرغم من أن صافي الاستثمار الإضافي المطلوب يتراوح بين نسبة لا تكاد تذكر ونسبة %5 إلى %10. {3-4}

هناك مجموعة واسعة من السياسات والصكوك المتنوعة متاحة للحكومات لإيجاد حوافز لأعمال التخفيف. وتتوقف إمكانية تطبيق تلك السياسات والصكوك على الظروف القومية والسياق القطاعي (الجدول 5 – ملخص لصانعي السياسات). {3-4}

ويتضمن إدماج سياسات المناخ في السياسات الإنمائية بوجه عام، ووضع اللوائح ووضع المعايير، وفرض الضرائب والرسوم، والرخص القابلة للتداول، والحوافز المالية، والاتفاقات الطوعية، والأدوات الإعلامية، والبحث والتطوير والبيان. {3-4}

إن وجود علامة فعالة لأسعار الكربون قد يؤدي إلى تحقيق الكثير من إمكانية التخفيف في كل القطاعات. وتوضح الدراسات القائمة على النمذجة أن ارتفاع أسعار الكربون العالمية إلى ما بين 20 و80 دولارا/ طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون بحلول العام 2030 يتسق والتثبيت عند مستوى يقارب 550 جزءا في المليون من مكافئ ثاني أكسيد الكربون بحلول العام 2100. وعند مستوى التثبيت ذاك يمكن أن يؤدي التغير التكنولوجي المستحث إلى خفض نطاقات الأسعار تلك إلى ما بين 5 و65 دولارا/ طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون بحلول العام ^[17]2030. {3-4}

وهناك درجة عالية من الاتفاق وأدلة كثيرة على أن إجراءات التخفيف يمكن أن تؤدي إلى منافع مرافقة على المدى القريب (مثل تحسن الصحة نتيجة انخفاض تلوث الهواء) يمكنها أن تعوض جزءا كبيرا من تكاليف التخفيف. {3-4}

وهناك درجة عالية من الاتفاق وأدلة متوسطة على أن إجراءات البلدان المدرجة في المرفق الأول قد تؤثر على الاقتصاد العالمي والانبعاثات العالمية، على الرغم من مدى تسرب الكربون لايزال غير ميقون حتى الآن^[18]. {3-4}

وكما ذكر في التقرير الثالث، ربما تتوقع البلدان المصدرة للوقود الأحفوري (البلدان المدرجة في المرفق الأول والبلدان غير المدرجة فيه على حد سواء) انخفاضا في الطلب والأسعار، وكذلك في نمو الناتج المحلي الإجمالي بسبب سياسات التخفيف. وأما مدى ذلك الانخفاض فيعتمد اعتمادا شديدا على الافتراضات المتعلقة بقرارات السياسة العامة وظروف سوق النفط. {3-4}

وهناك أيضا درجة عالية من الاتفاق وأدلة متوسطة على أن التغيرات في أسلوب الحياة، وأنماط السلوك، وممارسات الإدارة يمكن أن تسهم في تخفيف تغير المناخ في جميع القطاعات. {3-4}

وتوجد خيارات عديدة لتقليل انبعاثات غازات الدفيئة العالمية من خلال التعاون الدولي. وهناك درجة عالية من الاتفاق وأدلة كثيرة على أن من الإنجازات الملحوظة لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ وبروتوكول كيوتو إنشاء استجابة عالمية لتغير المناخ، والحفز على وضع مجموعة من السياسات العامة الوطنية، وإنشاء سوق دولية للكربون وآليات مؤسسية جديدة قد تشكل الأساس لجهود التخفيف التي تبذل في المستقبل. وقد أحرز تقدم أيضا في التطرق إلى التكيف في سياق اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ واقترحت بعض المبادرات الدولية الإضافية. {5-4}

وأما بذل المزيد من جهود التعاون وتوسيع نطاق آليات السوق فسيساعدان في تقليل التكاليف العالمية لبلوغ مستوى معين من التخفيف أو سيحسنان الفعالية البيئية. ويمكن أن تشمل هذه الجهود بعض العناصر المتنوعة مثل تحديد أهداف للانبعاثات وإجراءات قطاعية ومحلية وإقليمية وعلى المستوى دون الوطنى؛ وبرامج البحث والتطوير والبيان العملي؛ واعتماد سياسات مشتركة؛ وتطبيق إجراءات ذات وجهة إنمائية؛ أو توسيع نطاق الأدوات التمويلية. {5-4}

وفي بضعة قطاعات، يمكن تنفيذ خيارات من خيارات الاستجابة المناخية للأخذ بأوجه التآزر وتجنب التعارض مع أبعاد أخرى من أبعاد التنمية المستدامة. وأما القرارات المتعلقة بسياسات الاقتصاد الكلى وغيرها من السياسات غير المناخية فيمكن أن تؤثر تأثيرا كبيرا على الانبعاثات، والقدرة على التكيف، وقابلية التعرض للمخاطر. {4-4، 8-5}

إن العمل على جعل التنمية أكثر استدامة يمكن أن يعزز قدرات التخفيف والتكيف، وأن يقلل الانبعاثات وقابلية التعرض للمخاطر، ولكن ربما تظهر عوائق تعترض سبيل تنفيذ ذلك. ومن ناحية أخرى، يرجح جدا أنه بإمكان تغير المناخ أن يؤدي إلى إبطاء التقدم في اتجاه التنمية المستدامة. وفي النصف المقبل من هذا القرن، يمكن أن يؤدي تغير المناخ إلى إعاقة بلوغ الأهداف الإنمائية للألفية. {8-5}